للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت فسطاطها فقال قصور، تقر لها إرم بالقصور، وسور، أعين الحوادث عنه صور، كأنه الثغر المبتسم، والسلك المنتظم، ومن شعره فيها، متقارب

فتى الخيل يقتادها ذبلا ... خفافاً تباري القنا الذابلا

ترى كل أجرد سامي السليل تحسبه غصناً مائلا

وجرداء أن أوجست صارخاً ... تذكرك الظبية الخادلا

إذا شنهن بأرض العدى ... يصير عاليها سافلا

ولم أدر بدر تمام سواه ... يسمونه الأسد الباسلا

أقام العجاج سماء عليه ... وأقسم أن لا يرى أفلا

ولم تصرف الهول هماته ... ومن يصرف القدر النازلا

[الوزير الكاتب أبو محمد بن سفيان رحمه الله تعالى]

من بلغت همته السماء، وجلت أسرته الظلماء، له الرتب المكينة، وعليه الوقار والسكينة، أخدم يراعه العوالي، واستخدم الأحرار والموالي، وأقام بدولة آل ذي النون وأقعد، وتبوأ سماكها واقتعد، فسما به قدرها، وهمى بسيبه قطرها، وحسنت سيرها، وأمنت غيرها، وحمدت أيامها، ووردت حمام الأماني خيامها، وله أدب غض المقاطف، رطب المعاطف، إن نثر فالنجوم في أفلاكها، أو نظم فالجواهر في أسلاكها، قد أخذ بمجامع القلوب كلمه، وأغذ في طرق الإبداع قلمه، وقد أثبت له ما تستهديه زهرا، وترتديه برداً محبرا، فمن ذلك قوله يخاطب أبا عيسى ابن لبون، وافر

أبا عيسى أتذكر حين كنا ... على هام الكوكب نازلينا

ندوس بخيلنا زهر الثريا ... ونوردها المجرة إن ظمئنا

وننزل جبهة الأسد اعتسافاً ... إذا ما البدر سر بها كمينا

ونطرق هودج العذراء وهنا ... فندخله عليها آمنينا

إذا غنت لنا الجوزا مددنا ... لحل نطاقها منا يمينا

وإن عرضت لنا كف الثريا ... سلبناها الخلاخل والبدينا

إذا ما غار من ددنا سهيل ... على الشعرى فخلت به جنونا

تجاوزنا العبور إلى العميصا ... ولم نرهب شجاعهم المبينا

وله مراجعا إلى الحاجب ذي الرياستين أبي مروان بن رزين رحمه الله، بسيط

<<  <   >  >>