الخيل لمن شد أو فر وسعهم، فإنه دام أمره أطل عليهم الفجر على الظلام، وأخذ هناك بضبع الإسلام، وأقام مرة كالحية النضناض، وطورت كالسد القضقاض، يسرب إلى محلتهم من يضرم نار الحرب في أكنافها، ويأتي أرضهم ينقضها من أطرافها، ولولاه ما علا هنالك للإسلام اسم، ولا عاد للمدافعة رسم، ولا لاح للمكافحة وسم، ولا عن لتلك العلل المجهزة على تلك الأقطار جسم، ولكنه ركب صعب الأهوال، وصدق الصيال، وهي أعزك الله أقطار أن لم تقم القوة منها ميلا وجنفا، ويستعمل الجد لها نظرا أنفا، وإلا فعقدها بمدرج نثار، وهي في طريق انتكات وعثار، والله يكفي المسلمين فيها، وينعم عليهم بتلافيها، بعزته والسلام الجزيل، عليك يا عمادي ورحمة الله وبركاته.
[الوزير الحسيب الفقيه المشاور القاضي أبو الحسن بن أضحى أعزه الله]
نسب ما وراءه منتسب ولا مثله حسب شرف باذخ تعقد بالنجوم ذوائبه، وتحل في مفرق النسر ركائبه، استفتحت الأندلس وقومه أصحاب رايات، وأرباب أماد في السبق وغايات، واستوطنوها فغزوا بحور مواهبها، وبدور غيابها، وجاء أبو الحسن أخرهم، فجدد مفاخرهم، وأحيا الرفاة، وأغنى العفاة، فبماذا أصفه وقد بهر، وبدا فضله كالصبح إذا اشتهر، وبماذا أحليه وعنه تقصر الحلى، وبه يتزين الدهر ويتحلى، ولكني أقول هو بحر زاخر، وفضل سواء أوائله والأواخر، تفخر به الدنيا وتزهى، وهو للعليا سماك وسهى، إذا جاد همى غيثا، وان صال غدا ليثا، ولي القضاء فهيب أنكاره، وانجلى من أفق الدين غيمه وعتكاره، وحييب به الرعايا، ولويت السن البغي والسعايا، وله سجايا برئت من الزهو، وأحكام عوفيت من الغلط والسهو، سقته العلوم زلالها، ومدت عليه ظلالها، وأرقته الجلالة هضابها، وأرشفته الأصالة هضابها، فلا في سماء العلاء بدرا، وصار في فناء السناء صدرا، عدلا في أحكامه، خزلا في نقضه وأبرامه، وله نظم متع الصفات، أحلى من الرشفات، وقد أتت منه ضروبا، لا تجد لها ضريبا، أخبرني ذو الوزارتين أبو جعفر بن أبي رحمه الله أنه كتب إليه شافعا لأحد الأعيان فلما وصل إليه بره وأنزله، وأعطاه عظاء استعظمه واستجزله، وخلع عليه خلعا، وأطلعه من الجلال بدرا لم يكن له متطلعا، ثم اعتقد أنه جاء مقصرا، فكتاب إليه معتذرا. طويل