في ما يرتبه له ويجريه، وينزله في مكانه متى كان يوافيه، وكان له نظم يوقفه على ذاته، ولا يصرفه في رفث القول وبذاذاته، فمن ذلك قوله في معنى الزهد: متقارب
إذا كنت اعلم علما يقينا ... بان جميع حياتي كساعه
فلم لا أكون ضنينا بها ... وأجعلها في صلاح وطاعه
وله يرثي أبنه وماتا مغتربين، وغربا كوكبين، وكانا ناظري الدهر، وساحري النظم والنثر. طويل
رعى الله قبرين استكانا ببلدة ... هما اسكناها في السواد من القلبِ
لئن غيبا عن ناظري وتبوّاى ... فؤادي لقد زاد التباعد في القربِ
يقرّ بعيني أن أزور ثراهما ... والزق مكنون الترائب بالتربِ
وأبكي وأبكي ساكنيها لعلّني ... سأنجد من صحب وأسعد من سحبِ
فما ساعدت ورق الحمام أخا اسى ... ولا روّحت ريح الصبا عن أخي كربِ
ولا استعذبن عيناي بعدهما كرى ... ولا ضئمت نفسي إلى البارد العذبِ
أحنّ ويثني اليأس عن الاسى ... كما اضطرّ محمول على المركب الصعبِ
وله يرثي ابنه محمداً: كامل
أمحمّد أن كنت بعدك صابرا ... صبر السليم لما به لا يسلم
ورزئت قبلك بالنبي محمّد ... ولرزوه أدهى لدّي واعظم
فلقد علمت أنّني بك لاحق ... من بعد ظنّي أنّني متقدّمُ
لله ذكر لا يزال بخاطري ... متصرّف في صبره متحّكم
فإذا نظرت فشخصه متخيّل ... وإذا أصخت فصوته متوهّم
وبكلّ أرض لي من أجلك لوعة ... وبكلّ قبر وقفة وتلوّمُ
فإذا دعوت سواك حاد عن اسمه ... ودعاه باسمك مقول بك مغرمُ
حكم الردى ومناهجٌ قد سنّها ... لأولي النهى والحزن قبل متمّم
[الوزير الفقيه أبو مروان بن سراج رحمه الله تعالى]
أحد أعيان البيان، وخاتم أعلام الكلام، ومعين الانتخاب والانتداب، على طموس رسم اللغات والآداب، فإنه أودى فطويت المعارف، وتقلص ظلها الوارف، لنه كان لجة بحر، وكان بالأندلس كعمر بن بحر، وزانها بمعرفته كدر