وظن بقتل القادر أنه يتم له من الاستبداد، ما تم للقاضي ابن عباد، والقدر يضحك من ورائه، ويصك له بقبح آرائه، بادر لحينه بالامتداد إلى حاشيته، والاستطالة على غاشيته، فوجه إليه من قبله رسولا فنجهه، وسبه ومن وجهه، وكتب إلى صاحب المظالم ابن عمه، قد ألبستني من برك أعزك الله ما لا أخلعه، وحملتني من شكرك ما لا أضيعه، فأنا أستريح إليك استراحة المستنيم، واصرف الذنب إلى الزمن المليم، وأن ابن عمك مد الله بسطته لما ثار ثورته التي بلغ بها السماك، وظن أنه قد بذ معها الأفلاك، نظر إلي متخازراً متشاوساً، وظنني حاسداً أو منافساً، ولعن الله من حسده جمالها، فلم تك تصلح إلا له ولم يك يصلح إلا لها، ثم تورم علي أنف عزته، فرماني بصروف محنته، وكل ذلك أتجرعه على مضضه، وأتغافل لغرضه، وأطويه على بلله، وما انتصر بشيء من عمله، إلى أن رام اليوم بسوء رايه، أن يزيد في تعسفه وبغيه، فاستقبلت من الأمر غريبا ما كنت أحسبه، ولا بان لي سببه، ولما جاءه رسولي مستفهما عبس وبسر، وأدبر واستكبر، فأمسكت محافظا للجانب، وعاملا على الواجب، لا أن هيبة أبي محمد قبضتني، ولا أن مبرته عندي اعترضتني، وأنا أقسم بالله حلقة بر لو أن الأيام قذفت بكم إلي وأنا بمكاني لأوردتكم العذب من مناهلي، وحملت جميعكم على عاتقي وكاهلي، ولكن الله يعمر بكم أوطانكم، ويحمي من الغير مكانكم، ويحوط هذه السيادة الطالعة فيكم، البانية لمعاليكم، فلا يسرك مقطعه، وليسوك مصرعه، فما مثله يمطل، ولا ينظر ولا يهمل، أن شاء الله تعالى، ولم أسمع له شعرا إلا ما أنشدني في أبي أحمد هذا عند قتله القادر بالله يحمي بن ذي النون، رمل مجزوء
أيها الأخيف مهلا ... فلقد جئت عويصا
إذ قتلت الملك يحي ... وتقمصت القميصا
رب يوم فيه تجزى ... لم تجد عنه محيصا
تم القسم الأول بعون الله
[القسم الثاني من قلائد العقيان ومحاسن الأعيان في غرر حلية الوزراء وفقر الكتاب والبلغاء]
[ذو الوزارتين أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن زيدون رحمه الله وأسكنه دار رحمته ورضاه]
زعيم الفئة القرطبية، ونشأة الدولة الجهورية، الذي بهر بنظامه، وظهر كالبدر