من يحسد الشمس نورها، ويجهد أن يأتي لها بضريب، وإلى أن وردني خطابك الخطير مشتملا على نظم من الكلام، رائق الأعلام، يقرب من الإفهام، ويبعد نيله في الأوهام، قد أرهفت نواحيه بالتهذيب، وطرزت حواشيه بكل معنى غريب، وحشيت معانيه باللفظ الرائع المهيب، فازددت به تهيبا ورعبا، وعاينت منه مركبا صعبا، وقلت التغافل عن الجواب، أولى بالصواب، وإن ألمت بالجفاء، وقابلت الوفاء باللفاء، إذ ليس بلبيب من يعارض السيل بوشل، ويناهض التشمير بفشل، ويطاول الفيل بشلو منتشل،
ولا باريب من قيس الشبر بالبارع، والمد بالصاع، والجبان بالشجاع، والقطوف بالوساع، فمن طلب فوق طاقته افتضح، ومن تعسف الخرق النازح رزح، ومن سبح ف البحر كم عسى أن يسبح، ولا جرم أنه اقتضاني في المراجعة صديق لنا كريم لم لتت إلى معذرة، ولا سمح بنظرة، فتكلفتها بحكم عزمته وتحت فادح حصر، ونازح بصر، فقد يكدي على علمك الخاطر، ويحوي النجم الماطر، وربما عاد اللسن في بعض الأوقات لكنا، والجواد كودنا، وبحر القريحة ثمدا، وحسام الذهن معضدا، فإن تفضلت بالأعضاء، سامحت في الاقتضاء، وسلمت لك في اليد البيضاء، وبرزت لشكرك في الفضاء، واجتليت منك أدام الله عزك ف معنى تعذر تلاقينا، عند قرب تدانينا، فصولاً حساناً حسبتها برهانا، ورأيت بها السحر الحلال عيانا، ولئن اعترض عائق الزمان دون ذلك الأمل وقد عارضنا من أمم، وصار أدنى من يد لفم، فإن نفوسنا بحمد الله في المقاصد والأغراض، متلاقية على موارد الإخلاص ولا محاض، والله تعالى بحفظ جواهرها من الأرض، ويصونها من الانتكاث والانتفاض، بمنه وطوله أنه على كل شيء قدير، وبيده الأمر والتدبير، وأما ما جلاه من صورة الود، في معرض الجد، وفقد ثوى بين الجوانح محلاً، لا يسوم الدهر عقده حلا، ولا يزال جفني ف رعيه مسهدا، وقلبي لصونه ممهداً، إن شاء الله واقرأ عليك يا سيدي المعظم في خلدي ساماً شريف النصاب، كريم الإحساب، والسلام الأتم الدعم، ما طلعت الأنجم وتضوع المسك الأحم، على سيدي الأعظم، ورحمة الله وبركاته.
ذو الوزارتين المشرف أبو بكر محمد بن أحمد بن رحيم أعزه لله