للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رجل الشرق سودداً وعلاء، وواحدة اشتمالاً على الفضل واستيلاء، استقل بالنفض والإبرام، وأوضح رسم المجاملة والإكرام، فله الشفوف في المجد، والحفوف إلى الوفد، تجتليه بساما، وتنتضيه حساماً، أن وأخاك أبرم عقد إخائه، وأعفاك من زهوة وانتخائه، مع أدب يزجر بحره، وتتزين به لبه الزمان ونحره، وسجية خلصت خلوص التبر، ونفس سلبت من الخيلا والكبر، تتهاداه الدول تهادي الروض للنسيم، وتفتقر إليه افتقار المصراع إلى القسم، فيطلع بأفاقها طلوع الشمس، وينشر سيرها الحميدة من رمس، قد آمنت غوائله، وحسنت أواخره وأوائله، وبنو رحيم من أعلام الشرق في القديم والحديث، وعنهم يؤثر أطيب الحديث، اتصلوا في الفضل اتصال الشوبوب، وانتشوا كالرمح أنبوباً على أنبوب، وقد أثبت له ما ترتشفه ريقا، وتبصر له في سماء الإحسان شروقاً، من ذلك قوله من قصيدة: بسيط

نفديك من منزل بالنفس والذات ... كم ل بمغناك من أيام لذات

نجني بك العيش والآمال دانية ... أعوام وصل قطعناها كساعات

نسقي لديك اغتباقات مسلسلة ... والده قد نام عنا باصطباحات

يا قبة الدهر لا زلت مجددة ... تلك المعالم ما دامت مقيمات

حفظت من قبة بيضاء حف بها ... نه تفضض يجري بين دوحات

عليك مني ريحان السلام كما ... حيتك مسكة دارين بنفحات

خير البنيات لا تنفكك آهلة ... بمن حوت وهم خير البريات

لله يوم ضربنا للمدام بها ... رواق لهو بطاسات وجامات

وللبلابل ألحان مرجعة ... تجيبهن غوانينا بأصوات

وللرياحين أنفاس معنبرة ... مع الرياح توافينا لأوقات

وللمياه ابتسام في جداولها ... كما تشق خيوب فوق لبات

حدائق أحدقتها للمنى شجر ... حسبت نفسي منها وسط جنات

منازل لست أهوى غيرها سقيت ... حيا يعم وخصت بالتحيات

ووصل هو وابن وضاح صهر المرتضى وابن جما الخلافة صاحب صقلية، وإلى إحدى جنات مرسية، فحلوا منها في قبة فوق جدول مطرد، وتحت أدواح طيرها

<<  <   >  >>