رحمه الله دون أن يندب، والمسلمون ينسلون معه غليها من كل حدب، وشمر تشمير البطل المغوار، وعمر عليها النجاد والأغوار، حتى دخلها والعدو صاغر، وأطل عليه منه أسد فاغر، وحصره في أخبيته ووقف له في ثنيته، لم ينله أنتهاب نعم ولا بهم، فاستبشر المسلمون بمضائه، واستظهر الدين بانتضائه، لولا ما عاجله الحمام، وساجله بيد أمضى من الحسام فخط الردى هناك موضعه، واثكل فيه الإسلام وفجعه، وعند أرغامه لابن رذمير، وإيغاله في شعابه بالخراب والتدمير، كتب غليه القاضي أبو الحسن يمدحه ويذكر منابه. بسيط
يا أيها الملك مضمون لك الظفر ... أبشر فمن جندك التأييد والقدرُ
وأب لنا سالما والسعد مقتبل ... والدين منتظم والكفر منتثر
وقد طلعت على البيضاء من كثب ... كما تطلّع في جنح الدجا القمرُ
حللت في أرضها في جحفل ... كما يحل بها في الأزمة المطرُ
وحولك الصيد من لمتونة وهم ... أبطال يوم الوغى والنجم الزهرُ
والعرب ترفل فوق الغرب سابحة ... كالسد ليس لها إلاّ القنا ظفرُ
من كلّ أروع وضّاح عمامته ... كالبدر نحو لقاء الجيش يبتدرُ
شعاره البرّ والتقوى ومونسه ... في ليلة رمحه والصارم الذكرُ
ذوابة المجد من قحطان كلّهم ... أبوهمُ حمير ذو المجد أو مضرُ
ومن زناتة أبطال غطارفة ... ذووا تجارب في يوم الوغى صبرُ
ولمطة وهمُ أهل الطعان لدى ال ... هيجاء في زمر تقتادها زمرُ
كأنّهم في جبين المجد إذا ركبوا ... مصممين إلى أعدائهم غررُ
[الفقيه الكاتب أبو عبد الله اللوشي رحمه الله تعالى]
طود علاء، رسا رسوثبير، وزند ذكاء، أورى بالإنشاد والتحبير، الفضل حشو أبراده والنبل تلو إصداره وإيراده، مع نفس عذبت صفاء وشيمة ملئت وفاء واحتفاء، ومذهب صفا صفاء التبر، وخلص من الخيلاء والكبر، وسعي لكل نجح ضامن، ووقار كان ثبيرا فيه كامن، وأدب زرت على الإعجاز جيوبه، وهبت بعزف الإحسان صباه وجنوبه، ونظم ونثر بلغا الغاية، وفي يدهما للسبق لواء وراية، إلا انه هين بخلق حرجت وساءت، وظنون شتى بعدت عن الخير وتناءت،