زهته، وضممتنا بهجته، وفي روضة أرضعتها السماء شأبيبها، ونثرت عليها كواكبها، ووفد عليها النعمان بشقيقه، واحتل فيها الهند بخلوق، وبكر إليها بابل برحيقه، فالجمال بحسنه طرفه، والنسيم يهز لأنفاسه عطفه، وتمنينا أن يتبلج صبحك من خلال فروجه، وتحل شمسك في منازل بروجه، فيطلع علينا الأنس بطلوعك، وتهديه بوقوعك، ولن تعدم نوراً شمائلك طيبا وبهجة، وراحا تخالها خلالك صفاء ورقة، وألحانا تثير أشجان الصب، وتبعث أطراب القلب، وندى من ترتاح إليهم الشمول، وتتعطر بارجهم القبول، ويحسد الصبح عليهم الأصيل،
وبقصر بمجالستهم الليل الطويل.
[الوزير الفقيه الكاتب أبو القاسم ابن المجد رحمه الله تعالى]
راضع ذي المعالي، المتواضع العالي، آية الإعجاز، وفي الصدور والإعجاز، والذي جمع طبع العراق وصنيعه الحجاز، واقطع استعارته جانب الحقيقة والمجاز، فأبداها شمساً، وأهداها لأجساد معانيه نفساً، إذا كتب ملأ المهارق بياناً، وأرى السحر عياناً، وله أدب لو تصور شخصاً، لكن بالقلوب مختصاً، ولو كان نوراً، لكان له السماك نجداً والمجرة غوراً إلى الاتسام بالوقار ولحلم، والافتنان في أنواع العلم، أقامك زمناً معتكفاً على دواوينه، كلفا بالعلم وأفانينه، ومشتغلاً بالدراسة، معتزلاً للرياسة، والملك يضم ضلوعه على علائه، ويرقب طلوعه في سمائه، وإلى أن استدعاه أمير المسلمين فأجاب بحكم الطاعة وأناب، وأراه الغناء المستعظم والمناب، وبكتب تهزم الكتائب بأغراضها، وتروق العيون بإيماضها، وقد أثبت من نثره البارع، ونظمه لعذب المشارع، وما هو افتن للأسماع، من مطرب السماع، وألذ في الألباب، من مناجات الأحباب، فمن ذلك رقعة راجعني بها عن معاتبة له في توقف مراجعة وهي، لو أطعت نفسي أعزّك الله بحسب هواها، ومحتمل قواها، لما خططت طرساً، ولا سمعت للقلم جرساً، ولنمت في حجر العطلة مستريحاً، ولزمت بيت العزلة حلساً طريحاً، ولكني بحكم الزمان مغلوب، وبحقوق الإخوان مطلوب، فلا أجد بدا من أعمال الخاطرون غداً طليحاً، وتناهى تبليحاً ولما طبع علي طالع خطابك الكريم، وفي صورة المقتضى الغريم، وتعين ألأداء، ووجب ألأعداء، واتصل بالتلبية النداء، وقد كنت تغافلت عن