الكتاب الأول، وتغافل الساكن إلى العذر المتأول، فهزتني من الثاني كلمات مولمات، ولكنها في وجه الحسن والإحسان سمات، ولم توجدني إلى المعذرة طريقاً، ولا سوغتني في النظرة ريقا، فتكلفت هذه الأسطر تكلف المضطر، حفرة ثقل البر، وأنت بفضلك تقبل وجيزها، ولا تبخل بأن يحيزها، والله يطيل بقاءك محسود النجابة، ولا يخلي دعوتي لك من الإجابة، وكتب عن أمير المسلمين وناصر الدين أيده الله إلى أهل إشبيلية، كتابنا أبقاكم الله وعلمكم بتقواه، ويسركم من الاتفاق والايتلاف إلى ما يرضاه، وجنبكم من أسباب الشقاق والخلاف ما يسخطه وينعاه، ومن حضرة مراكش حرسها الله لست بقين من جمادى الأولى سنة اثنتي عشرة وخمسماية وقد بلغنا ما تأكد بين أعانكم من أسباب التباعد والتباين، ودواعي التحاسد والتضاغن، واتصال التباغض ولتدابر، وتمادي التقاطع والتهاجر، وفي هذا على فقهائكم وصلحائكم مطعن بين، ومغمز لا يرضاه مومن دين، فهلا سعوا في إصلاح ذات البين سعي الصالحين، ودوا في إبطال أعال المفسدين، وبذلوا في تأليف الآراء المختلفة وجمع الأهواء المفترقة جهد المجتهدين، ورأينا والله الموفق للصواب، أن نعذر إليكم بهذا الخطاب، فإذا وصل إليكم، وقرئ عليكم، فاقمعوا الأنفس الأمارة بالسوء وارغبوا في السكون والهدوء، ونكبوا عن طريق البغي الذميم المشنو، واحذروا دواعي الفتن، وعواقب الإحن، وما يجر داء الضمائر، وفساد السرائر، وعمى البصائر، ووخيم المصائر، وأشفقوا على أديانكم وأعراضكم، وتوبوا إلى الصلاح في جميع أغراضكم، وأخلصوا السمع والطاعة لوالي أموركم، وخلفتنا في تدبيركم، وسياسة جمهوركم، وأخينا الكريم علينا أبي إسحاق إبراهيم أبقاه الله، وأدام عزه بتقواه، واعلموا أن يده فيكم كيدنا، ومشهده كمشهدنا، فقفوا أسلس انقياد لحكمه وعزمه، ولا تقيموا على ثبج عناد بين حده ورسمه، ولله تعالى يفيء بكم إلى الحسنى، وييسركم إلى ما فيه صلاح الدين والدنيا، بقدرته وله من قصيدة: طويل