للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتب إلى الفقيه القاضي أبي سعيد خلوف بن خلف اعزه الله من حضرة بلنسية وقد نهض في صحبة الأمير الأجل عبد الله بن مزدلي عند منهضه غلى سرقسطة أعادها الله ملبيا لمناديها، ومعبيا لمدافعة العدو المخيم بواديها، وأقام الفقيه أبو محمد خلاف العسكر هناك لغرض اعترضه، وعاق منهضه، أستوهب الله الفقيه الأجل قاضي الجماعة سيدي وعمادي شمول نعمه وأياديه، واتصال روائح عز الطاعة وغواديه، واتصال خواتم العمال بمباديه، والتام عواجز السعد يهواديه، ولا زال منهل سحاب العدل، ممتد أطناب الظل، منحضر جوانب الفضل، لا يقرع باب أمل إلا ولجه، ولا يعن لما تكره النفوس منأامر إلا فرجه، بعزة الله كتبته، أدام الله بالطاعة عزك من حضرة بلنسبة حرسها الله يوم كذا عن منبر ودك الذي تخبو لدي ناره، ولا تافل عندي شموسه وأقماره، ونظير عهدك الذي لا يخلع لبسة الكرم، ولا يزداد إلا طيبا على القدم، وعطر حمدك الذي به أحاور وأحاضر، وبمحاسنه أباهي وأفاخر، والله تعالى يمل بمحامدك أسماعا ويطلق السنا، ويبقيك للفضل غيثا كريما وأثرا حسنا، ويديم ما بيننا في ذاته زكي الفروع ثابت الأصول، حصين السكة مرهف النصول، بمنه بعد أن ورد كتابك الكريم روضة الحزن، غب المزن، وحديقة الزهر، تبسمت لوفد المطر، تتجارى إلى محاسنه العين والنفس، ويترقرق من خلاله الأنس، وانتهيت منه إلى ما يقتضي رضى وتسليما، ويسر كما سمي اللديغ سليما، وأما ما ذهبت إليه دام عزك، من تعرف الأنباء، واجتلاء الانحاء، فإن ابن رذمير وقفه الله قد جعل بناء سرقسطة لكلكله عطنا، واتخذ ذلك الحريم وطنا، وذلك انه ندب لهذه السفرة من أهل ملته ما ندب، واحلب من خيلهم ورجلهم ما أجلب، وهو أن بمنازلته سرقسطة ستفتح عليها أبواب حروب، وأنه قد وطئ غيلا غير مغلوب، فلما رأى أن حمامتها ليست بضربة لازب، وأبصر حبلها على الغارب، نبهت المطامع حرصه، ففعل فعل الضعيفة أصابت فرصه، فلازم ملازمة الغريم، وصرف إليها وجوه الهم والهموم، مع أن غراب الرحيل ينعب كل يوم في عرصانة ويفصح، وطوائف الافرتج دمرهم الله كل ليلة تمسي ولا تصبح، لأن نبتهم ونواهم نزوح، من دون أفواجهم مهامه فيح، وأيضاً فإن الأمير الأجل أبا محمد عبد الله بن مزدلي أيده الله قد أضاق بضبط الطرق وقطع المتصرفين ذرعهم، وعجز بنصب حبائل

<<  <   >  >>