للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومستشفع عندي تجير الورى عندي ... وأولاهم بالشكر منّي وبالحمد

وصلت فلمّا لم أقم بجزائه ... لففت له راسي حياء من المجد

ومن باهر جلاله، وظاهر خلاله، انه أعف الناس بواطن، وأشرفهم في التقى مواطن، ما علمت له صبرة، ولا حلت له إلى مستفزة حبرة، مع عدل لا شيء يعدله، وتحجب عما يتقى ما يرسل عليه حجابه ويسدله، وكان لصاحب البلد الذي كان يتولى به القضاء ابن من أحسن الناس صورة، وكانت محاسن الأقوال والأفعال عليه مقصورة، ما شئت من لسن، وصوت حسن، وعفاف، واختلاط بالبهاء والتفاف، فحملنا إلى إحدى ضياعه بقرب من حضرة غرناطة فحللنا قرية على ضفة نهر، أحسن من شاذ مهر، تشقا جداول كالصلال، ولا ترمقها الشمس من تكاثف الظلال، ومعنا جملة من أعيانها فأحضرنا من أنواع الطعام وأرانا من فرط الأكرم والأنعام، ما لا يطاق ولا يحد، ويقصر عن بعضه العد، وفي أثناء مقامنا بدا لي من ذلك الفتى المذكور ما أنكرته فقابلته بكلام أحقده، وملام اعتقده، فلما كان من الغد لقيت منه اجتنابه، ولم أر منه ما عهدته من النابة، فكتبت إليه مداعبا فراجعني بهذه القطعة. طويل

أتتني أبا نصر نتيجة خاطر ... سريع كرجع الطرف في الخطراتِ

فأعرب عن وجد كمين طويته ... بأهيف طاو فاتر اللحظاتِ

غزال أحم الملقتين عرفته ... بخيف منى للحين أو عرفاتِ

رماك فاصمى والقلوب رميّة ... لكلّ كحيل الطرف ذي فتكاتِ

وظنّ بانّ القلب منك محصّب ... فلبّاك من عينيه بالجمرات

تقرّب بالنساك في كلّ منسك ... وضّحى غداة النحر بالمهجاتِ

وكانت له جيّان مثوى فأصبحت ... ضلوعك مثواه بكّل فلاةِ

يعزّ علينا أن تيهم فتنطوي ... كئيبا على الأشجان والزفراتِ

فلو قبلت للناس في الحبّ فدية ... فديناك بالأموال والبشراتِ

ومن غيثار ديانته، وعلامة حفظه للشرع وصيانته، وقصده مقصد المتورعين، وجريه جري المتشرعين، أن أحد أيعان بلده كان متصلا به اتصال الناظر بسواده، محتلا في عينه وفؤاده، ولا يسلمه إلى مكروه، ولا يفرده في حادث يعروه، وكان من الأدب في منزلة تقتضي أسعافه، وتورده من تشفيعه في مورد قد عافه، فكتب

<<  <   >  >>