للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وله يودع الوزير أبا محمد بن عبدون: بسيط

في ذمّة المجد والعلياء مرتحل ... فارقت صبري إذ فارقت موضعه

ضاءت به برهةً أرجاء قرطبة ... ثم استقل فسدّ البينُ طلعه

وكتب إلى الوزير أبي محمد قاسم، كيف رأى مولاي في عبد له وهو أنا يرى الوفاء دينا وملة، ولا يعتقد في حفظ الأخاء ملة، قصرته الأقدار عن رايه وأخرته الأيام عن سعيد، فادرع العقوق، ولبئست الحلة، وضيع الحقوق، ولم يضع الخلة، أيرده بعيب ما جناه الدهر، أم يسمح، فشيمته الصبر، بان يعفو ويصفح لو كان الغضب يفيض على صدره ويطفح، فله أعزه الله العقل الأرجح، والخلق الأسجح، والأنابة التي يزل الذنب عن صفاتها، ولا يتعلق العيب بصفاتها، وأن كتابة العزيز وردني مشيراً إلى جملة تفصيلها في يد العواقب، والزمان المتعاقب، ولقد اتفقت في أمره مشافهات انجلت عن تخيير في الأقطار، وانتجاع الخصب في مواقع القطار، حاشا ما استثنى من الجمع، وأفرد بالحظر والمنع، وفلان أيده الله كما يدريه يردد محاسنه ويرويها، وينشر فضائله ويطويها، إلا أن الأمور انقلبت عليه في هذه البلاد فلا تعرف له حالة، إلا وقد داخلتها استحالة، وربما عاد ذلك إلى نقصان في الوفاء، وأن كان باطنه على غاية الاستيفاء ولله تعالى نظر، وعنده خير منتظر، ويشهد الله أني أفرده بالجلال، واتخذ نفسي من أشياعه واتباعه في كل الأحوال. متقارب

فلا تلزمّني ذنوب الزمان ... إليّ أساء وأياي ضارا

فسمح الله مدته، وجازى مودته، وأعلى رتبته، وأحسن في كل حال وترحال صبحته، ولا رب سواه، وكتب إليه مسلياً عن نكبته، الوزير الفقيه أدام الله عزه، وكفاه ما عزه، أعلم بأحكام الزمان من أن يرفع إليها طرفا، وينكر لها صرفا، ويطلب في مشارعها مشربا زلالا أو صرفا، فشهدها مشوب وروضها مكمن لكل صل أرقم، وما فجئته أعزه الله الحوادث بنكبة، ولا حطته النائبات عن رتبة، ولا كانت الأيام قبل رفعته بوزارة ولا كتبه، فهو المر يرفعه دينه ولبه، وينفعه لسانه وقلبه، ويشفع له علمه وحسبه، وتسمو به همته وأدبه، ويعنو بين يديه شانيه وحاسك، ويثبت في أرض الكرم حين يريد أن يجتثه حاصك، ويفديه بالفضل من لا يوده، وينصره الله بإخلاصه حين لا ينصره سواعه ولا ودة. طويل

<<  <   >  >>