للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أدعى لك جانبا من السيادة، إلا ولك عليه أعدل الشهادة، ولكن قديما سفل ذو الرجحان، وعاد الكمال على أهله بالنقصان، وكبت الأعالي بارتفاع الأسافل، حتى اقتضى ذلك قول القائل: طويل

فوا عجبا كم يدّعى الفضل ناقص ... ووا أسفا كم يظهر النقص فاضلُ

وقال المذمر للناتجين متى ذمرت قبلي الأرجل وقد جاريتك أعزك الله في ميدان من البلاغة أنا فيه كمن كاثر البحر والمطر، وجلب التمر إلى هجر، والذي حداني إليه، أنه مر لي زمن، إلهي خاطري عنك فيه وسن، فقلت قد كان من العقوق، ترك رعاية الحقوق، فلا ستمطرنّ مرن القول فقد كنت عهدتها تنسجم فتغدق، ولا ستسقين جابية الشيخ العراقي فقد كانت تطم فتفهق، أيام كنت اسحب ذيل الشباب، وأسلك مسلك الكتاب ويعجبني سلوك سهل الكلام وحزونه، والتصرف بين أبكاره وعونه، أستن استنان الطرف الجامح، ولا أثني عنان الطوف الطامح، وأروي هامتي، وأقول بما صبت علي غمامتي، على أن تعمم مفرقي بالقتير، وعلتني أبهة الكبير، وودعت زمني الزائل، وعادت سهامي بين رث وناصل، وعريت أفراس الصبا ورواحله، وسدت علي سوى قصد السبيل معادله، فلئن هريق ماء الشباب، واستشن الأديم واقشع السحاب، وتجلت الغيوم فلعل في الأفق ربابة، وفي الحوض صبابة، وعسى أن يكون في أخلاف المقالة در يرضع، وفي حقاق البلاغة در يرصع، ولازفنها عذراء، لا ترتضي إلا الأكفاء، فليس يلين النجد إلا في مارق الهيجاء، ولا يحسن العقد إلا في عنق الحسناء، ولأجعلن الشعر لها شعارا، وفقر النثر لها دثارا، فاهتصرها إليك ولهى عروبا، قد رضيت بك محبا وحبوبا، فتضمخك بمسكها، وتؤمنك من فركها، وتذر ذرور الشمس عليك، وتهز في ندوة الحي عطفك، فإن قضت من حقك فرضا، ورتقت من فتق الأخلال ولو بعضا، فذاك ما تضمنه الخاطر الذي نمنم بردها، ونظم عقدها، وأن اخلف الظن ما أوهم ووعد، وقضى الذهن فيما أحكم وسدد، فللخاطر عذر في أنه منصل أغفل شحذه وجلاؤه، حتى ذهب فرنك وماؤه، ومنهل ضيع ورده، فنضب عده. كامل

والشول ما حلبت تدفق رسلها ... وتجف درتها إذا لم تحلبِ

<<  <   >  >>