للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومتى ركبت لها أعالي أيكة ... نشرت جناحا للرياح معرضا

والبحر يسكن خيفة من ناصر ... أرضى الرياسة بعد موت المرتضى

ملك سمت علياه حتى دوحت ... وزكا ثرى نُعماه حتى روضا

ماء الغمائم جرعة مما سقى ... فكان صلا نحو صل نضنضا

وكان المرتضى رحمه الله الذي أورث ناصر الدولة الملك، ونظم بلبته ذلك السلك، فلك يكفريك، ولم ينثن عن مجازاة ما قلك، ولم يزل يتعهد سافتة، ويعتقدها، ويبر من كان يوالي دولته ويعتقدها، إلى أن ماتت أخته فاحتفل في جنازتها احتفالاً شكر فيه فعله، ومشى إلى لحدها وما ركب إلا نعله، وندب الشعراء إلى رثايها وتابينها، وإيضاح فضائلها وتبيينها، فقام أبو بكر على قبرها وقال: [طويل]

أبنت الهدى جددت منعا على منعا ... مضى المرتضى أصلاً واتبعه فرعا

جرى الموت جري الريح في منبتيكما ... فأذواك ريحانا وكسرة نبعا

على نسق جاء المصاب وإنما ... تقدم وتراً واتبعته شفعا

وقال يمدحه بقصيدة أولها: [كامل]

هلا ثناك علي قلب مشفقُ ... فترى فراشا في فراش يحرقُ

أنت المنية والمنى فيك استوى ... ظل الغمامة والهجير المحرقُ

لك قد ذابلة الوشيح ولونها ... لكن سنانك أكحل لا أزرقُ

ويقال أنك أيكة حتى إذا ... غنيت قيل هو الحمام الأورقُ

يا من رشقت إلى السلو فردني ... سبقت جفونك كل سهم يرشقُ

لو في يدي سحر وعندي أخذة ... لجعلت قلبك بعض وحين يعشقُ

جسدي من الأعداء فيك لأنه ... لا يستبين لطرف طيف يرمقُ

لم يدر طيفك موضعي من مضجعي ... فعذرته في أنه لا يطرقُ

جفت لديك منابعي، ومنابتي ... فالدمع ينشع والصبابة تورقُ

وكان أعلام الأمير مبشر ... نشرت على قلبي فاصبح يخفقُ

الخيزرانة تلتظي في كفه ... والتاج فوق جبينه يتألق

وكان صوب حيا وصعقة بارق ... ما ضم منه نديه والمازق

<<  <   >  >>