للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكانت عادة ناصر الدولة في غير طار ولا ضيف، النفي أو السيف، فلم يفتح مع أبي بكر في أحدهما باب، ولاأغبه جزع ولا ارتياب فكتب إليه يسترحه، متقارب

عسى رافة في سراح كريم، أبل ببرد نداه الغليلا

وعلي أراح من الطالبين ... فاسكن للأمن ظلال ظليلا

ومن بله الغيث في بطن واد ... بات لا يأمنن السيولا

لقد أوقدوا لي نيرانهم ... فصيرني الله فيها الخليلا

أفر بنفسي وإن أصجت ... ميورق مصر وجدواك نيلا

وقال يمدحه كامل

عرج بمنفرجات واديهم عسى ... تلقاهم نزلوا الكثيب الأوعسا

اطلبهم حيث الرياض تفتحت ... والريح فاحت والصباح تنفسا

مثل وجوههم بدورا طلعا ... وتخيل الخيلان شهبا كسنا

وإذا أردت تنعماً بقدودهم ... فاهصر بنعمان الغصون الميسا

بأبي غزال منهم لم يتخذ ... إلا القنا من بعد قلبي مكنسا

لبس الحديد على لجين أديمه ... فعجبت من صبح توشح حندسا

وأنى يجر ذوآئبا وذوابلا ... فرأيت روضاً بالصلال تحرسا

لا ترهب السيف الصقيل بكفه ... وارهب بعارضه العذار الأملسا

رام العدا قتلي عليه ففتهم ... والنجم ليس بممكن أن يلمسا

وفككت بغيهم وفزت وهكذا ... فك الصحيفة قبلي المتلمسا

كابد إلى العز الهجير ولا تكن ... في الذل ما بين الضلال معرسا

وإذا وصلت إلى الأمير مبشراً ... فاجعل بساطك في ثراه السندسا

نزع وجنس في مناك فإنه ... ملك تنوع في العلى وتجنسا

وكان بينه وبين وزيرة أبي القاسم ذمام ايتلاف، ومعاطاة سلاف، وروحات، والتها بكر، وراحات، راح السرور عليها وابتكر، ووداد أشبه عصر الشباب، عهد أقفر من التعاهد حتى عاد كالفقر اليباب، فلما وصل ميورقة تجدد دارسه، وعادت أجاماً مكانسه، فكان أبو بكر يظن أن تلك الموات تنفقه وإن كسد، وتخلصه وإن حصل في لهوات الأسد، ولم يعلم أن لا جديد لمن لم تخلفه الأيام ولم تبله، ولم يسمع وحديث الناس أخبر تقله، فلما تغير له ناصر الدولة وتنكر، ورأى

<<  <   >  >>