للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من سال فلم يعط وإنما المحروم من أعطي فلم يأخذ، ومنها يا ابن آدم تذم أهل زمانك وأنت منهم كأنك وحدك البري، وجميعهم الجري، كلا بل جنيت وجني عليك، فذكرت مل لديهم ونسيت ما لديك، ومنها اعلم أن الفاضل الزكي لا يرتفع أمره، أو يظهر قدره، كالسراج لا تظهر أنواره، أو يرفع مناره، والناقص الدني لا يبلغ لنفعه، إلا بوضعه، كهوجل السفينة لا ينتفع بضبطه، إلا بعد الغاية من حطه، ول قصل من رسالة،، توسل الهمم، أعزك الله توسل الذمم، ورب راق، بوسيلة، ذي اشتياق واستباق، إلى فضليه، رصد، فقصد، واحتشد، فتحرى الرشد، ولما طلع بك المجد، من معالمه، وأينع لك الحمد، من كمائمه، فلاح محياك قمراً زاهراً، وفاحت سجاياك سحراً عاطراً، وأنار بأفقك منار الأنوار، ودار على قطبك مدار الفخار، وخف لديك بالقلوب وارتياحها، وصار إليك بالنفوس جناحها، فجوامع الجوانح لديك حضور، ونواظر الخواطر إليك صور، وقد تخيلتك نظرات الغيوب، وتيمتك خطرات القلوب، فحنت إليك حنين اليفن إلى صباه، واهتزت اهتزاز الغصن إلى صباه، ولا غرو أن أرمت أليك القلوب بأرواحها، وتلقتك العيون بالتماحها، فقد يرقب الصباح، ويلمح القمر اللياح، وليس على عاشق الفضل جناح، وكتب إلى وزير، أطال الله بقاء الوزير الأمجد، الأجل الأوحد، وأعلى مرتقاه في رفعة العز، ومنعة الحرز، الوزير الأمجد دام الله عزه كالمطر الجود يملأ الحياض، وينبت الرياض، بل كالقمر يقذف بالنور، ويذهب بالديجور، وقد أتحفني في سناه، وسقاني من سقياه، بما أنار فأضوى، وجاد فأروى، فلله إيادي الوزير ما أنزلها بكل فناء، واسمعها لكل نداء، حين رعى قصدي وهو مجفي، ووعى صوتي وهو خفي، فالآن أدام الله رفعة الوزير أضرب بحسام، اعتناؤه جرده، حتى أظهر في سمائه، واشتهر بأرفع أسمائه،، ومن بديع قوله في قصيدة أولها، بسيط

قامت تجر ذيول العصب والحبر ... ضعيفة الخطو والميثاق والنظر

تخطو فتولي الحصى من حليها نبذا ... وتخلط العنبر الوردي بالعفر

غيرى الخلي بما تبديه من قلق ... في الوشح أوغصص تخفيه في الأزر

<<  <   >  >>