يا جمال الموكب الغادي إذا ... سار فيه يا بهاء المجلسِ
شرفت بكر المعالي خطبه ... بك فأنعم بسرور المعرسِ
وارتشف معسول ثغرٍ أشنبٍ ... تجتنيه من مجاجِ العسِ
واغتبق بالسعد في دست المنى ... يصبح الصنع دهاق الأكوسِ
فاعتراض الدهر في ماشيته ... مرتقى في صدره لم يهجسِ
وله في ظلام رأه يوم العروبة من ثنيات الوغا طالعاً، ولطلا الأبطال قارعا، وفي الدماء والغا، ولمستشبع كؤس المنايا سائغاً، وهو ظبي قد فارق كناسه، وعاد أسداً صارت الفتى أخياسه، ومتكاثف قد مزقه إشراقه، وقلوب الدارعين قد شكتها أحداقه، فقال:
أبصرت طرفك بين مشتجر القنى ... فبدا لطرفي أنّه فلكُ
أو ليس وجهك فوقه قمراً ... يجلى بنيّر نوره الحلك
وله فيه: "متقارب"
ولمّا اقتحمت الوغا دارعاً ... وقنّعت وجهك بالمغفرِ
حسبنا محيَّاك شمس الضحى ... عليها سحاب من العنبرِ
وتوجه اليد الوزير أبو الإصبع بن أرقم رسولاً عن المعتصم ومعه الوزير أبو عبيد البكري والقاضي أبو بكر بن صاحب الأحباس فلما دنا من حضرته واقترب، وبات منها على قرب، معتقداً حلولها فجر أو ضحاه، معتمداً مشاهدة فطر ذلك اليوم أو اضحاه، بادر بالإعلام، وكتب إليه على عادة الإعلام، شعراً منه: "بسيط"
يا ملكاً عظّمته العرب والعجمُ ... وواحداً وهو في أثوابه أممُ
إنّا وردناك والأقطار مظلمةً ... والبدر يرجى إذا ما التخّت الظلمُ
فكتب إليه رحمه الله: بسيط
أهلاً بكم صحبتكم نحويَ الديمُ ... إن كان لم يتبجّح لي بكم حلمُ
حثّوا المطيّ ولو ليلاً بمجهلة ... فلن تصلوّا ومن بشري لكم علمُ
لأنتم القوم إن خطوّا يجد قلمٌ ... وإن يقولوا يصيب فصلَ الخطاب فمُ
لاعيّ إن رقموا كتباً ولا حصرُ ... إذ ينتدون ولا جورٌ إذا حكموا
أقدم أبا الإصبع المودودَ تلقَ فتىً ... هشّ المودّة لا يزري به سأمُ
هذا فؤادي قد طار السرور به ... إن كنت تنقلك الوخّادة الرسمُ
سأكتم الليل ما ألقاه من بعدٍ ... وأسئل الصبح عنكم حين يبتسمُ