لِصَيْرُورَتِهِ دَيْنًا بِتَحْوِيلِ السَّنَةِ (جَاوَزَ الْمِيقَاتَ) بِلَا إحْرَامٍ (فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ أَفْسَدَهَا مَضَى وَقَضَى وَلَا دَمَ عَلَيْهِ) لِتَرْكِ الْوَقْتِ لِجَبْرِهِ بِالْإِحْرَامِ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ
(مَكِّيٌّ) وَمَنْ بِحُكْمِهِ (طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَلَوْ شَوْطًا) أَيْ أَقَلَّ أَشْوَاطِهَا
ــ
[رد المحتار]
الْمَتْرُوكَ فِي وَقْتِهِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ تَعْظِيمُ هَذِهِ الْبُقْعَةِ بِالْإِحْرَامِ إذَا أَتَاهُ: أَيْ الْمِيقَاتَ مُحْرِمًا بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فِي الِابْتِدَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ لِأَنَّهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَتَأَدَّى إلَّا بِإِحْرَامٍ مَقْصُودٍ كَمَا فِي الِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ، فَإِنَّهُ يَتَأَدَّى بِصَوْمِ رَمَضَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ دُونَ الْعَامِ الثَّانِي. اهـ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا فَرْقَ بَيْنَ سَنَةِ الْمُجَاوَزَةِ وَسَنَةٍ أُخْرَى، فَفِي أَيِّ وَقْتٍ فَعَلَ ذَلِكَ يَقَعُ أَدَاءً إذْ الدَّلِيلُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ فِي سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِيَصِيرَ بِفَوَاتِهَا دَيْنًا يُقْضَى، فَمَهْمَا أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِنُسُكٍ عَلَيْهِ تَأَدَّى هَذَا الْوَاجِبُ فِي ضِمْنِهِ، وَعَلَى هَذَا إذَا تَكَرَّرَ الدُّخُولُ بِلَا إحْرَامٍ مِنْهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْتَاجَ إلَى التَّعْيِينِ كَمَنْ عَلَيْهِ يَوْمَانِ مِنْ رَمَضَانَ فَنَوَى مُجَرَّدَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ، وَكَذَا لَوْ كَانَا مِنْ رَمَضَانَيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا نَقُولُ إذَا رَجَعَ مِرَارًا فَأَحْرَمَ كُلَّ مَرَّةٍ بِنُسُكٍ حَتَّى أَتَى عَلَى عَدَدِ دَخَلَاتِهِ خَرَجَ عَنْ عُهْدَةِ مَا عَلَيْهِ. اهـ.
وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِصَيْرُورَتِهِ) أَيْ الْمَتْرُوكِ دَيْنًا، وَعَلِمْت مَا فِيهِ مِنْ بَحْثِ الْفَتْحِ. وَأُورِدَ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَسْقُطَ الْعُمْرَةُ الْوَاجِبَةُ بِدُخُولِ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ بِالْعُمْرَةِ الْمَنْذُورَةِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَالْمَنْذُورَةِ فِي الْأُولَى لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَا تَصِيرُ دَيْنًا لِعَدَمِ تَوَقُّتِهَا بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، بِخِلَافِ الْحَجِّ. وَأَجَابَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِأَنَّ تَأْخِيرَ الْعُمْرَةِ إلَى أَيَّامِ النَّحْرِ وَالتَّشْرِيقِ مَكْرُوهٌ، فَإِذَا أَخَّرَهَا إلَيْهَا صَارَ كَالْمُفَوِّتِ لَهَا فَصَارَتْ دَيْنًا اهـ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ، فَإِنَّ الْمَكْرُوهَ فِعْلُهَا فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ لَا بَعْدَهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَأَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ) يُعْلَمُ مِنْهُ مَا إذَا أَحْرَمَ بِحَجَّةٍ بِالْأَوْلَى نَهْرٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِتَرْكِ الْوَقْتِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى مَكَانِهِ أَيْ لِتَرْكِ إحْرَامِهِ فِي الْمِيقَاتِ (قَوْلُهُ لِجَبْرِهِ بِالْإِحْرَامِ مِنْهُ فِي الْقَضَاءِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ إلَخْ وَضَمِيرُ مِنْهُ لِلْوَقْتِ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي سُقُوطِ الدَّمِ مِنْ إحْرَامِهِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْمِيقَاتِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ، فَلَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ الْمَكِّيِّ لَمْ يَسْقُطْ الدَّمُ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ أَيْضًا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ.
(قَوْلُهُ مَكِّيٌّ طَافَ لِعُمْرَتِهِ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ إحْرَامَيْنِ، وَهُوَ فِي حَقِّ الْمَكِّيِّ وَمَنْ بِمَعْنَاهُ جِنَايَةٌ دُونَ الْآفَاقِيِّ إلَّا فِي إضَافَةِ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَبِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ ذَكَرَهُ فِي الْجِنَايَاتِ، وَبِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي جَعَلَ لَهُ فِي الْكَنْزِ بَابًا عَلَى حِدَةٍ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ أَقْسَامَهُ أَرْبَعَةٌ: إدْخَالُ إحْرَامِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، وَالْحَجِّ عَلَى مِثْلِهِ، وَالْعُمْرَةِ عَلَى مِثْلِهَا، وَالْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ؛ قُدِّمَ الْأَوَّلُ لِكَوْنِهِ أَدْخَلَ فِي الْجِنَايَةِ، وَلِذَا لَمْ يَسْقُطْ بِهِ الدَّمُ بِحَالٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الثَّانِيَ مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ لِقُوَّةِ حَالِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى مَا هُوَ فَرْضٌ، ثُمَّ الثَّالِثَ عَلَى الرَّابِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاتِّفَاقِ فِي الْكَيْفِيَّةِ وَالْكَمِّيَّةِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَمَنْ بِحُكْمِهِ) أَشَارَ إلَى مَا فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَكِّيِّ غَيْرُ الْآفَاقِيِّ، فَشَمِلَ كُلَّ مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ مِنْ الْحِلِّيِّ وَالْحَرَمِيِّ فَافْهَمْ، فَالِاحْتِرَازُ بِالْمَكِّيِّ عَنْ الْآفَاقِيِّ لِأَنَّهُ لَا يَرْفُضُ وَاحِدًا مِنْهُمَا غَيْرَ أَنَّهُ إنْ أَضَافَ بَعْدَ فِعْلِ الْأَقَلِّ كَانَ قَارِنًا وَإِلَّا فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا مَرَّ نَهْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ أَقَلَّ أَشْوَاطِهَا) يُفِيدُ أَنَّ الشَّوْطَ لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ. وَفِي النَّهْرِ عَنْ الْفَتْحِ: وَلَوْ طَافَ الْأَكْثَرَ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْحَجِّ، فَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ أَيْضًا لِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعُمْرَةِ، وَلَيْسَ لِلْمَكِّيِّ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا صَارَ جَامِعًا مِنْ وَجْهٍ كَانَ عَلَيْهِ الدَّمُ. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا قَيْدٌ بِالْعُمْرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَطَافَ لَهُ ثُمَّ بِالْعُمْرَةِ رَفَضَهَا اتِّفَاقًا، وَبِكَوْنِهِ طَافَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطُفْ رَفَضَهَا أَيْضًا اتِّفَاقًا، وَبِالْأَقَلِّ لِأَنَّهُ لَوْ أَتَى بِالْأَكْثَرِ رَفَضَهُ أَيْ الْحَجَّ اتِّفَاقًا. وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَرْفُضُ وَاحِدًا مِنْهُمَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute