للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَنَائِحَةٍ فِي مُصِيبَةِ غَيْرِهَا) بِأَجْرٍ دُرَرٌ وَفَتْحٌ. زَادَ الْعَيْنِيُّ: فَلَوْ فِي مُصِيبَتِهَا تُقْبَلُ وَعَلَّلَهُ الْوَانِيُّ بِزِيَادَةِ اضْطِرَارِهَا وَانْسِلَابِ صَبْرِهَا وَاخْتِيَارِهَا فَكَانَ كَالشُّرْبِ لِلتَّدَاوِي.

(وَعَدُوٍّ بِسَبَبِ الدُّنْيَا) جَعَلَهُ ابْنُ الْكَمَالِ عَكْسَ الْفَرْعِ لِأَصْلِهِ فَتُقْبَلُ لَهُ لَا عَلَيْهِ، وَاعْتَمَدَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ وَالْمُحِبِّيَّةِ قَبُولَهَا مَا لَمْ يَفْسُقْ بِسَبَبِهَا. قَالُوا: وَالْحِقْدُ فِسْقٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ. وَفِي الْأَشْبَاهِ فِي تَتِمَّةِ قَاعِدَةِ: إذَا اجْتَمَعَ الْحَرَامُ وَالْحَلَالُ: وَلَوْ الْعَدَاوَةُ لِلدُّنْيَا لَا تُقْبَلُ سَوَاءً شَهِدَ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ. وَفِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْجَاهِلِ عَلَى الْعَالِمِ لِفِسْقِهِ بِتَرْكِ مَا يَجِبُ تَعَلُّمُهُ شَرْعًا فَحِينَئِذٍ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى مِثْلِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَلِلْحَاكِمِ تَعْزِيرُهُ عَلَى تَرْكِهِ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَالْعَالِمُ مَنْ يَسْتَخْرِجُ الْمَعْنَى مِنْ التَّرْكِيبِ كَمَا يَحِقُّ وَيَنْبَغِي.

(وَمُجَازِفٍ فِي كَلَامِهِ) أَوْ يَحْلِفُ فِيهِ كَثِيرًا أَوْ اعْتَادَ شَتْمَ أَوْلَادِهِ أَوْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ كَبِيرَةٌ كَتَرْكِ زَكَاةٍ أَوْ حَجٍّ عَلَى رِوَايَةِ فَوْرِيَّتِهِ أَوْ تَرْكِ جَمَاعَةٍ أَوْ جُمُعَةٍ، أَوْ أَكْلٍ فَوْقَ شِبَعٍ بِلَا عُذْرٍ، وَخُرُوجٍ لِفُرْجَةِ

ــ

[رد المحتار]

نَفْسِهَا سَعْدِيَّةٌ. وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رَفْعُ صَوْتٍ يُخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةُ.

(قَوْلُهُ وَنَائِحَةٍ إلَخْ) لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّائِحَةِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الَّتِي تَنُوحُ فِي مُصِيبَتِهَا وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ الَّتِي تَنُوحُ فِي مُصِيبَةِ غَيْرِهَا وَاِتَّخَذَتْ ذَلِكَ مَكْسَبَةً تَتَارْخَانِيَّةٌ عَنْ الْمُحِيطِ وَنَقَلَهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ الذَّخِيرَةِ ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَتَعَقَّبْ هَذَا مِنْ الْمَشَايِخِ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْتُ، وَتَمَامُهُ فِيهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَاخْتِيَارِهَا) مُقْتَضَاهُ لَوْ فَعَلَتْهُ عَنْ اخْتِيَارِهَا لَا تُقْبَلُ.

(قَوْلُهُ وَعَدُوٍّ إلَخْ) أَيْ عَلَى عَدُوِّهِ مُلْتَقَى. قَالَ الْحَانُوتِيُّ: سُئِلَ فِي شَخْصٍ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَقَالَ: إنَّهُمْ ضَرَبُونِي خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَحَكَمَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْخُصُومَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ فَهَلْ تُسْمَعُ؟ الْجَوَابُ: قَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً وَهَذَا قَبْلَ الْحُكْمِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ نَقْضِ الْحُكْمِ، كَمَا قَالُوا إنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْضِيَ بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ، فَإِذَا قَضَى لَا يُنْقَضُ اهـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَاعْتَمَدَ فِي الْوَهْبَانِيَّةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِنَحِ: وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي شَهَادَةِ الْعَدُوِّ تَبَعًا لِلْكَنْزِ وَغَيْرِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى أَلْسِنَةِ فُقَهَائِنَا وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، لَكِنْ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ بِسَبَبِ الدُّنْيَا لَا تَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْسُقْ بِسَبَبِهَا أَوْ يَجْلِبْ مَنْفَعَةً أَوْ يَدْفَعْ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مَضَرَّةً، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ وَهْبَانَ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ شَاهِدٌ لِمَا عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهَا، وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ أَوَّلَ الْقَضَاءِ.

أَقُولُ: ذَكَرَ فِي الْخَيْرِيَّةِ بَعْدَ كَلَامٍ مَا نَصُّهُ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ عَدْلًا وَصَرَّحَ يَعْقُوبُ بَاشَا فِي حَاشِيَتِهِ بِعَدَمِ نَفَاذِ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ دَوَّارَةٌ فِي الْكُتُبِ، وَذَكَرَ فِي الشَّارِحِ عِبَارَةَ يَعْقُوبَ بَاشَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْقَضَاءِ.

(قَوْلُهُ أَوْ اعْتَادَ شَتْمَ أَوْلَادِهِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى: مَنْ يَشْتُمُ أَهْلَهُ وَمَمَالِيكَهُ كَثِيرًا فِي كُلِّ سَاعَةٍ لَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ أَحْيَانَا يُقْبَلُ وَكَذَا الشَّتَّامُ لِلْحَيَوَانِ كَدَابَّتِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ كَتَرْكِ زَكَاةٍ) الصَّحِيحُ أَنَّ تَأْخِيرَ الزَّكَاةِ لَا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَذَكَرَ الْخَاصِّيُّ عَنْ قَاضِي خَانَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى سُقُوطِ الْعَدَالَةِ بِتَأْخِيرِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لِحَقِّ الْفُقَرَاءِ دُونَ الْحَجِّ خُصُوصًا فِي زَمَانِنَا، كَذَا فِي شَرْحِ النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ مِنَحٌ فِي الْفُرُوعِ آخِرَ الْبَابِ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَرْكِ جَمَاعَةٍ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: مِنْهَا تَرْكُ الصَّلَاةِ بِالْجَمَاعَةِ بَعْدَ كَوْنِ الْإِمَامِ لَا طَعْنَ عَلَيْهِ فِي دِينٍ وَلَا حَالٍ، وَإِنْ كَانَ مُتَأَوِّلًا كَأَنْ يَكُونَ مُعْتَقِدًا أَفْضَلِيَّتَهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالْإِمَامُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ بِالتَّرْكِ، وَكَذَا بِتَرْكِ الْجُمُعَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْقَطَهَا بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَالْحَلْوَانِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَالسَّرَخْسِيِّ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ اهـ لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِسُقُوطِ الْعَدَالَةِ بِارْتِكَابِ الْكَبِيرَةِ يَحْتَاجُ إلَى الظُّهُورِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بِلَا عُذْرٍ) احْتِرَازٌ عَمَّا إذَا أَرَادَ التَّقَوِّيَ عَلَى صَوْمِ الْغَدِ أَوْ مُؤَانَسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>