للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(يُصَالِحُ) عَنْ الْقَتْلِ (فَقَطْ) بِقَدْرِ الدِّيَةِ، وَلَهُ الْقَوَدُ فِي الْأَطْرَافِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ (وَالصَّبِيُّ كَالْمَعْتُوهِ) فِيمَا ذُكِرَ

(وَلِلْكِبَارِ الْقَوَدُ قَبْلَ كِبَرِ الصِّغَارِ) خِلَافًا لَهُمَا. وَالْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا لَا يَتَجَزَّأُ إذَا وُجِدَ سَبَبُهُ كَامِلًا ثَبَتَ لِكُلٍّ عَلَى الْكَمَالِ كَوِلَايَةِ إنْكَاحٍ

ــ

[رد المحتار]

الْأَخَ يُصَالِحُ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ أَخِيهِ اهـ وَهُوَ بَعِيدٌ.

(قَوْلُهُ يُصَالِحُ عَنْ الْقَتْلِ فَقَطْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ لِمَا مَرَّ، وَلَا الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ، وَهَذَا مِنْ قَبِيلِهِ ابْنُ كَمَالٍ وَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطَ قَوْلِهِ عَنْ الْقَتْلِ فَإِنَّ لَهُ الصُّلْحَ عَنْ الطَّرَفِ أَيْضًا، نَعَمْ فِي صُلْحِهِ عَنْ الْقَتْلِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ. وَالْحَاصِلُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ عَنْ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّ الرِّوَايَاتِ اتَّفَقَتْ فِي أَنَّ الْأَبَ لَهُ اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَمَا دُونَهَا وَأَنَّ لَهُ الصُّلْحَ فِيهِمَا جَمِيعًا لَا الْعَفْوَ، وَفِي أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَ النَّفْسِ وَيَمْلِكُ مَا دُونَهَا وَيَمْلِكُ الصُّلْحَ فِيمَا دُونَهَا وَلَا يَمْلِكُ الْعَفْوَ. وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي صُلْحِ الْوَصِيِّ فِي النَّفْسِ عَلَى مَالٍ. فَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هُنَا يَصِحُّ وَفِي كِتَابِ الصُّلْحِ لَا يَصِحُّ اهـ مُلَخَّصًا، وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ تَرْجِيحَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ اسْتِحْسَانًا) وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مُتَّحِدٌ وَهُوَ التَّشَفِّي هِدَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْأَمْوَالِ) وَلِهَذَا جَوَّزَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقَضَاءَ بِالنُّكُولِ فِي الطَّرَفِ أَتْقَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَالصَّبِيُّ كَالْمَعْتُوهِ) أَيْ إذَا قَتَلَ قَرِيبَ الصَّبِيِّ فَلِأَبِيهِ وَوَصِيِّهِ مَا يَكُونُ لِأَبِي الْمَعْتُوهِ وَوَصِيِّهِ فَلِأَبِيهِ الْقَوَدُ وَالصُّلْحُ لَا الْعَفْوُ وَلِلْوَصِيِّ الصُّلْحُ فَقَطْ، وَلَيْسَ لِلْأَخِ وَنَحْوِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ كَمَا قَرَرْنَاهُ فِي الْمَعْتُوهِ، وَفِي الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا كَانَ كُلَّهُ لِلصَّغِيرِ لَيْسَ لِلْأَخِ الْكَبِيرِ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ، وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا.

[تَتِمَّةٌ] أَفْتَى الْحَانُوتِيُّ بِصِحَّةِ صُلْحِ وَصِيِّ الصَّغِيرِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّيَةِ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُنْكِرًا وَلَمْ يَقْدِرْ الْوَصِيُّ عَلَى إثْبَاتِ الْقَتْلِ قِيَاسًا عَلَى الْمَالِ لِمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا صَالَحَ عَنْ حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْ عَنْ حَقِّ الصَّغِيرِ عَلَى رَجُلٍ، فَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْمَالِ أَوْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَوْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِهِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الْحَقِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِلْكِبَارِ الْقَوَدُ إلَخْ) أَيْ إذَا قُتِلَ رَجُلٌ لَهُ وَلِيٌّ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ كَانَ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ قَاتِلَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مُشْتَرَكٌ، وَفِي الْأَصْلِ إنْ كَانَ الْكَبِيرُ أَبًا اسْتَوْفَى الْقَوَدَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا بِأَنْ قُتِلَ عَبْدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَفِي الْكَلَامِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ صِغَارًا لَيْسَ لِلْأَخِ وَالْعَمِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ كَمَا فِي جَامِعِ الصَّفَّارِ، فَقِيلَ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ أَحَدِهِمْ، وَقِيلَ يَسْتَوْفِي السُّلْطَانُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْقَاضِي كَالسُّلْطَانِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكُلُّ كِبَارًا لَيْسَ لِلْبَعْضِ أَنْ يَقْتَصَّ دُونَ الْبَعْضِ وَلَا أَنْ يُوَكِّلَ بِاسْتِيفَائِهِ؛ لِأَنَّ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ احْتِمَالَ الْعَفْوِ فَالْقِصَاصُ يَسْتَحِقُّهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَالَهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَاضِي كَمَا فِي الْخِزَانَةِ، وَإِلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً لَمْ يَكُنْ لِلْكَبِيرِ إلَّا اسْتِيفَاءُ حِصَّةِ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْجَامِعِ قُهُسْتَانِيُّ، وَقَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَاضِي أَيْ قَضَاؤُهُ: فَمَنْ لَهُ الْقِصَاصُ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ سَوَاءٌ قُضِيَ بِهِ أَوْ لَا كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرِيكُ الْكَبِيرُ أَبًا لِلصَّغِيرِ نِهَايَةٌ. وَقَاسَاهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ كَبِيرَيْنِ وَأَحَدُهُمَا غَائِبٌ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَلَهُ أَنَّهُ حَقٌّ لَا يَتَجَزَّأُ لِثُبُوتِهِ بِسَبَبٍ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْقَرَابَةُ وَاحْتِمَالُ الْعَفْوِ مِنْ الصَّغِيرِ مُنْقَطِعٌ أَيْ فِي الْحَالِ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ كَامِلًا كَمَا فِي وِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ، بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الْعَفْوِ مِنْ الْغَائِبِ ثَابِتٌ اهـ. وَاعْتَرَضَ سَعْدِيٌّ كَوْنَ السَّبَبِ هُوَ الْقَرَابَةُ بِأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَلَا قَرَابَةَ. وَأَجَابَ الطُّورِيُّ بِأَنَّهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>