وَأَمَانٍ (إلَّا إذَا كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ فَلَا) يَمْلِكُ الْقَوَدَ (حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ) إجْمَاعًا زَيْلَعِيٌّ فَلْيُحْفَظْ.
(وَلَوْ قَتَلَ الْقَاتِلَ أَجْنَبِيٌّ وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ فِي) الْقَتْلِ (الْعَمْدِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ بِالنَّظَرِ لِقَاتِلِهِ كَمَا مَرَّ (وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ الْقَاتِلِ (فِي الْخَطَأِ، وَلَوْ قَالَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ بَعْدَ الْقَتْلِ) أَيْ بَعْدَ قَتْلِ الْأَجْنَبِيِّ (كُنْت أَمَرْته بِقَتْلِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ) عَلَى مَقَالَتِهِ (لَا يُصَدَّقُ) وَيُقْتَلُ الْأَجْنَبِيُّ دُرَرٌ، بِخِلَافِ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِ رَجُلٍ فَمَاتَ فِيهَا شَخْصٌ فَقَالَ رَبُّ الدَّارِ كُنْت أَمَرْتُهُ بِالْحَفْرِ صُدِّقَ مُجْتَبًى، يَعْنِي؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَهُ لِلْحَالِ فَيُصَدَّقُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ بِالْقَتْلِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَقَّ الْوَلِيِّ يَسْقُطُ رَأْسًا كَمَا لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ حَتْفَ أَنْفِهِ. (وَلَوْ اسْتَوْفَاهُ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا) وَفِي الْمُجْتَبَى وَالدُّرَرِ:
ــ
[رد المحتار]
التَّغْلِيبِ، أَوْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الِاتِّصَالُ الْمُوجِبُ لِلْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَأَمَانٍ) أَيْ أَمَانِ الْمُسْلِمِ الْحَرْبِيَّ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الْكَبِيرُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الصَّغِيرِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: بِأَنْ كَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ صَغِيرٍ وَأَجْنَبِيٍّ فَقُتِلَ عَمْدًا لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْقِصَاصَ قَبْلَ بُلُوغِهِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلصَّغِيرِ أَبٌ فَيَسْتَوْفِيَانِهِ حِينَئِذٍ اهـ. ثُمَّ قَالَ نَاقِلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمِلْكُ وَهُوَ غَيْرُ مُتَكَامِلٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنَّ مِلْكَ الرَّقَبَةِ يَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤَ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ السَّبَبَ فِيهِ الْقَرَابَةُ وَهُوَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤَ وَتَمَامُهُ فِيهِ.
مَبْحَثٌ شَرِيفٌ وَظَاهِرُ هَذَا التَّصْوِيرِ وَالتَّعْلِيلِ، وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْأَصْلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَجْنَبِيِّ مَنْ كَانَ شَرِيكًا فِي الْمِلْكِ لَا فِي الْقَرَابَةِ فَلَوْ قُتِلَ رَجُلٌ وَلَهُ ابْنُ عَمَّةٍ كَبِيرٌ وَابْنُ خَالَةٍ صَغِيرٌ وَهُمَا أَجْنَبِيَّانِ فَلِلْكَبِيرِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ الْقَرَابَةُ لِلْمَقْتُولِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ، وَكَذَا لَوْ قُتِلَ عَنْ زَوْجَةٍ وَابْنٍ صَغِيرٍ مِنْ غَيْرِهَا فَلِلزَّوْجَةِ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْقَرَابَةِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجِيَّةَ كَمَا مَرَّ وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشَّلَبِيِّ فِي فَتَاوَاهُ الْمَشْهُورَةِ فِيمَنْ قَتَلَ امْرَأَةً عَمْدًا وَلَهَا زَوْجٌ وَابْنٌ صَغِيرٌ مِنْ غَيْرِهِ فَأَجَابَ لِلزَّوْجِ الْقِصَاصُ قَبْلَ بُلُوغِ الْوَلَدِ، لَكِنْ يُخَالِفُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ الْحَانُوتِيِّ حَيْثُ أَفْتَى فِيمَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَلَهُ بِنْتٌ بَالِغَةٌ وَابْنٌ صَغِيرٌ وَأَرْبَعُ زَوْجَاتٍ بِأَنَّهُ يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الِابْنِ لِكَوْنِ بَعْضِ الزَّوْجَاتِ أَجْنَبِيَّاتٍ عَنْهُ أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ أَوَّلَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ وَلِيَّ الْقِصَاصِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ بِنَفْسِهِ وَأَمْرُ غَيْرِهِ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، لَكِنْ لَيْسَ لِلْغَيْرِ اسْتِيفَاؤُهُ بِغَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ قَتْلِ الْأَجْنَبِيِّ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ كُنْت أَمَرْتُهُ) أَيْ أَمَرْت الْأَجْنَبِيَّ (قَوْلُهُ لَا يُصَدَّقُ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ إسْقَاطَ حَقِّ غَيْرِهِ وَهُوَ وَلِيُّ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِنَحِ، وَبِهِ عَلَّلَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا يَمْلِكُ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ) وَهِيَ أَنَّ مَنْ حَكَى أَمْرًا إنْ مَلَكَ اسْتِئْنَافَهُ لِلْحَالِ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا؛ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا صُدِّقَ، وَلَوْ بَعْدَهَا فَلَا إنْ كَذَّبَتْهُ إلَّا بِبُرْهَانٍ، وَهُنَا يَمْلِكُ اسْتِئْنَافَ الْإِذْنِ بِالْحَفْرِ وَلَا يَمْلِكُ الْإِذْنَ بِالْقَتْلِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَهُوَ الْمَقْتُولُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ قَتَلَ الْقَاتِلَ أَجْنَبِيٌّ وَجَبَ الْقِصَاصُ إلَخْ أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ يَسْقُطُ حَقُّهُ رَأْسًا أَيْ يَسْقُطُ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا سَقَطَ مِنْ الْقِصَاصِ، مِثْلُ لَوْ مَاتَ الْقَاتِلُ بِلَا قَتْلِ أَحَدٍ.
وَوَجْهُ الظُّهُورِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقَوَدُ عَيْنًا فَلَا يَصِيرُ مَالًا إلَّا بِالتَّرَاضِي وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا ثُمَّ رَأَيْته فِي التَّتَارْخَانِيَّة حَيْثُ قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا قُتِلَ الْقَاتِلُ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ بِغَيْرِ مَالٍ، وَكَذَا إذَا مَاتَ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَوْفَاهُ) إلَخْ أَيْ اسْتَوْفَى الْقِصَاصَ الْوَاجِبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute