الرَّهْنُ عَبْدَيْنِ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ قَلَّ الْأَرْشُ أَوْ كَثُرَ لَا تُعْتَبَرُ الْجِنَايَةُ، وَيَسْقُطُ دَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا رُهِنَا بِأَلْفٍ فَقَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَلَا دَفْعَ وَلَا فِدَاءَ، وَيَبْقَى الْبَاقِي رَهْنًا بِسَبْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ.
وَلَوْ رَهَنَ عَبْدًا وَدَابَّةً فَجِنَايَةُ الدَّابَّةِ عَلَى الْعَبْدِ هَدَرٌ وَجِنَايَةُ الْعَبْدِ عَلَى الدَّابَّةِ مُعْتَبَرَةٌ حَسَبَ جِنَايَةِ الْعَبْدِ عَلَى عَبْدٍ آخَرَ مِنْ قَاضِي خَانْ.
رَهَنَ كُرَّ شَعِيرٍ وَغُلَامًا، وَبِرْذَوْنًا قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِائَةٌ، وَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ فَأَقْضَمَ الْغُلَامُ الْبِرْذَوْنَ الشَّعِيرَ فَجِنَايَةُ ثُلُثِ الْعَبْدِ عَلَى ثُلُثِ الرَّهْنِ مُهْدَرَةٌ، وَجِنَايَةُ ثُلُثَيْ الْعَبْدِ مُعْتَبَرَةٌ فَتَكُونُ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ نَقْلًا عَنْ الْمُنْتَقَى.
جِنَايَةُ الْعَبْدِ الرَّهْنَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي نَفْسِهِ جِنَايَةٌ تُوجِبُ الْمَالَ، وَعَلَى مَالِهِ هَدَرٌ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ أَوْ فِي مَالِهِ هَدَرٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَلَّتْ قِيمَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ كَثُرَتْ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مُعْتَبَرَةٌ فَإِنْ اجْتَمَعَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عَلَى الدَّفْعِ دَفَعَاهُ بِالْجِنَايَةِ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ فَإِنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: لَا أَطْلُبُ الْجِنَايَةَ فَهُوَ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ انْتَهَى، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي رَهْنِ جَمِيعِهِ مَضْمُونٌ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّيْنِ أَوْ أَقَلَّ فَأَمَّا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مَضْمُونًا، وَبَعْضُهُ أَمَانَةً بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ضِعْفَ الدَّيْنِ فَإِنَّ جِنَايَتَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ مُعْتَبَرَةٌ اتِّفَاقًا فَيُقَالُ لِلرَّاهِنِ: إنْ شِئْت ادْفَعْهُ بِالْجِنَايَةِ، وَإِنْ شِئْت افْدِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ، وَقَبِلَ الْمُرْتَهِنُ بَطَلَ الدَّيْنُ كُلُّهُ، وَصَارَ الْعَبْدُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَإِنْ اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَنِصْفُ الْفِدَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ، وَنِصْفُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَمَا كَانَ حِصَّةَ الْمُرْتَهِنِ يَبْطُلُ، وَمَا كَانَ حِصَّةُ الرَّاهِنِ يُفْدَى وَالْعَبْدُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ.
وَفِي الْوَجِيزِ فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَتِهِ فَضْلٌ عَنْ الدَّيْنِ فَجِنَايَتُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَرَقِيقُهُ مُعْتَبَرَةٌ بِالْإِجْمَاعِ انْتَهَى.
وَفِي الْهِدَايَةِ: وَجِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى مَالِ الْمُرْتَهِنِ لَا تُعْتَبَرُ بِالِاتِّفَاقِ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَالدَّيْنُ سَوَاءً لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِاعْتِبَارِهِ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُ الْعَبْدَ، وَهُوَ الْفَائِدَةُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ بِقَدْرِ الْأَمَانَةِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ جِنَايَةُ الرَّهْنِ عَلَى ابْنِ الرَّاهِنِ، وَابْنِ الْمُرْتَهِنِ كَالْجِنَايَةِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى
الْعَبْدُ الْمُرْتَهَنُ إذَا قَتَلَ الرَّاهِنَ أَوْ الْمُرْتَهِنَ أَوْ غَيْرَهُمَا عَمْدًا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَيَبْطُلُ الدَّيْنُ مِنْ قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ.
، وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الرَّهْنُ قَتِيلًا خَطَأً فَضَمَانُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمْلِيكَ فَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بَقِيَ الدَّيْنُ عَلَى حَالِهِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ مِنْ الْفِدَاءِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ فِي ضَمَانِهِ فَكَانَ عَلَيْهِ إصْلَاحُهَا وَلَوْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ قِيلَ لِلرَّاهِنِ: ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ فَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ سَقَطَ الدَّيْنُ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ لِمَعْنًى فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فَصَارَ كَالْهَلَاكِ.
وَكَذَلِكَ إنْ فَدَى يَسْقُطُ الدَّيْنُ لِأَنَّ الْعَبْدَ كَالْحَاصِلِ لَهُ بِعِوَضٍ كَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَهُوَ الْفِدَاءُ بِخِلَافِ وَلَدِ الرَّهْنِ إذَا قَتَلَ إنْسَانًا أَوْ أَهْلَكَ مَالًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُخَاطَبُ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ، وَإِنْ فَدَى فَهُوَ رَهْنٌ مَعَ أُمِّهِ عَلَى حَالِهِمَا مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِيضَاحِ: إنَّمَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِتَمَامِهِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ أَوْ مُسَاوِيًا أَمَّا إذَا كَانَ أَكْثَرَ يَسْقُطُ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ