للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فِي الْوِكَالَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

[بَاب فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ]

(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالشُّرْبِ) الْمُزَارَعَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ وَقَعَتْ فَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ الْمُزَارِعِ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَجْرَ مِثْلِهَا، وَكَانَ الْخَارِجُ لَهُ يَطِيبُ لَهُ قَدْرُ بَذْرِهِ، وَمَا أَنْفَقَ، وَمَا غَرِمَ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْبَاقِي لِأَنَّهُ مِنْ كَسْبٍ خَبِيثٍ لِأَنَّهُ رَبَّاهُ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ. وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ كَانَ الْخَارِجُ لَهُ، وَيَغْرَمُ لِلزَّارِعِ أَجْرَ مِثْلِ عَمَلِهِ، وَالزَّرْعُ يَطِيبُ لَهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي مِلْكِهِ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَقَالَا جَائِزَةٌ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا لَتَعَامُلِ النَّاسِ، وَلِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهَا، وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ، وَلِصِحَّتِهَا عَلَى قَوْلِهِمَا شُرُوطٌ مَشْهُورَةٌ فِي الْكُتُبِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَطْوِيلِ الْكِتَابِ بِذِكْرِهَا، وَإِذَا صَحَّتْ فَالْخَارِجُ عَلَى الشُّرُوطِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ فَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْ رَبِّ الْأَرْضِ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُزَادُ عَلَى مِقْدَارِ مَا شَرَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْعَامِلِ فَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَجْرُ مِثْلِ أَرْضِهِ، وَهَلْ يُزَادُ عَلَى مَا شَرَطَ لَهُ مِنْ الْخَارِجِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ، وَلَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ لِأَنَّ وُجُوبَهُ فِي الذِّمَّةِ وَعَدَمِ الْخَارِجِ لَا يَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّحِيحَةِ حَيْثُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِلْعَامِلِ إذَا لَمْ تُخْرِجْ الْأَرْضُ شَيْئًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ حِينَئِذٍ الْمُسَمَّى، وَهُوَ مَعْدُومٌ ذِكْرُهُ فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ، وَكُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الْمُزَارَعَةِ يُفْسِدُهَا، وَعَمَلُ الْمُزَارَعَةِ كُلُّ عَمَلٍ يُنْبِتُ وَيَزِيدُ فِي الْخَارِجِ، وَمَا لَا يُنْبِتُ وَلَا يَزِيدُ لَا يَكُونُ مِنْ عَمَلِ الْمُزَارَعَةِ، وَشَرْطُ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى أَحَدِهِمَا يُفْسِدُ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ الْبَذْرُ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ شَرْطُهُ لِلتَّعَامُلِ، وَبِهِ أَفْتَى مَشَايِخُ بَلْخِي كَمَا مَرَّ مِنْ الْوَجِيزِ، وَالْكَلَامُ فِي الْمُسَاقَاةِ كَالْكَلَامِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَالْمُزَارَعَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ مِنْ قِبَلِ مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ قَبْلَ إلْقَاءِ الْبَذْرِ، وَالْمُسَاقَاةُ لَازِمَةٌ.

دَفَعَ بَذْرًا إلَى آخَرَ وَقَالَ لَهُ ازْرَعْهُ فِي أَرْضِك عَلَى أَنْ يَكُونَ الْخَارِجُ كُلُّهُ لَك فَهَذَا قَرْضٌ لَا هَدِيَّةٌ، وَإِنْ دَفَعَ الْبَذْرَ يَزْرَعُهُ فِي أَرْضِهِ عَلَى أَنَّ الْخَارِجَ بَيْنَهُمَا فَهِيَ مُزَارَعَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْخَارِجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ مِنْ الصُّغْرَى.

وَإِذَا عُقِدَتْ الْمُزَارَعَةُ فَامْتَنَعَ صَاحِبُ الْبَذْرِ مِنْ الْعَمَلِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، وَإِنْ امْتَنَعَ الَّذِي لَيْسَ مِنْ قِبَلِهِ الْبَذْرُ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَى الْعَمَلِ إلَّا إذَا كَانَ عُذْرٌ تُفْسَخُ بِهِ الْإِجَارَةُ فَتُفْسَخُ بِهِ الْمُزَارَعَةُ. وَلَوْ امْتَنَعَ رَبُّ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ مِنْ قِبَلِهِ وَقَدْ كَرَبَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي عَمَلِ الْكِرَابِ قِيلَ هَذَا فِي الْحُكْمِ فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ اللَّهِ يَلْزَمُهُ اسْتِرْضَاءُ الْعَامِلِ مِنْ الْهِدَايَةِ.

مَخَرَ الْمُزَارِعُ الْأَرْضَ ثُمَّ نُقِضَتْ الْمُزَارَعَةُ فَلَوْ كَانَ الْبَذْرُ لِلْمُزَارِعِ فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ مَخَرَهَا لِنَفْسِهِ وَلَوْ كَرَبَ الْأَرْضَ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِ عَمَلِهِ بِحُكْمِ إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الْخَارِجِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ، وَفِي كِتَاب خُلَاصَةِ الْمُفْتِينَ، وَفِي عَامَّةِ الْكُتُبِ لَا شَيْءَ لِلْمُزَارِعِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ إذْ لَيْسَ لِلْمُزَارِعِ عَيْنُ مَالٍ قَائِمٍ فِي مِلْكِهِ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُزَارَعَةِ.

تَرَكَ الْأَكَّارُ سَقْيَ الزَّرْعِ حَتَّى فَسَدَ الزَّرْعُ

<<  <   >  >>