للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رِوَايَةَ فِيهِ عَنْ أَصْحَابِنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ كَمَا قَالَ: أَبُو الْقَاسِمِ كَذَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَصَايَا.

وَفِي إقْرَارِ الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ حِنْطَةً مِنْ سَلَمٍ عَقَدَاهُ بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: سَأَلْت الْفُقَهَاءَ عَنْ الْعَقْدِ فَقَالُوا: هُوَ فَاسِدٌ فَلَا يَجِبُ عَلَى شَيْءٍ وَالْمُقِرُّ مَعْرُوفٌ بِالْجَهْلِ هَلْ يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَقَالَ: لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَقُّ بِدَعْوَى الْجَهْلِ انْتَهَى كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الْجَهْلِ.

لَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ مَالًا وَأَخَذَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَى خَصْمِهِ حَقٌّ فَعَلَى الْمُدَّعِي رَدُّ عَيْنِ مَا قَبَضَ مَا دَامَ قَائِمًا هَذِهِ فِي أَحْكَامِ النَّقْدِ مِنْهُ.

لَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ فُلَانٌ: مَالِي عَلَيْك شَيْءٌ بَرِئَ الْمُقِرُّ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَهُ فِيهِ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَى التَّصْدِيقِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ شَيْئًا فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: بَلْ لَك عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ: أَجَلْ هِيَ لِي أَخَذَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ وَصَدَّقَهُ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ جَارِيَةً أَوْ عَبْدًا عَلَى هَذَا، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ الثَّانِيَ، وَادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَيْهِ لَا تُسْمَعُ، وَلَوْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِلتَّنَاقُضِ بَيْنَ هَذِهِ الدَّعْوَى، وَبَيْنَ تَكْذِيبِهِ الْإِقْرَارَ الْأَوَّلَ، وَعَدَمِ عِلْمِ الْقَاضِي بِمَا مَرَّ مَعَ التَّنَاقُضِ، وَهُوَ رُجُوعُ الْمُقِرِّ إلَى إقْرَارِهِ قَالَ: أُسْتَاذُنَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْبَلَ بَيِّنَةُ الْمُقَرِّ لَهُ بَعْدَ مَا رَدَّ إقْرَارَهُ عَلَى إقْرَارِهِ لَهُ ثَانِيًا، وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالصَّوَابِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ إذَا كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَخْذٌ وَعَطَاءٌ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ، فَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، وَيَكْتُبُ إقْرَارَهُ، وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفِيدَ الْإِشْهَادُ فَائِدَةً؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ دَعْوَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ إقْرَارِهِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ شَنِيعٌ مِنْ الْقُنْيَةِ.

[بَاب فِي الصُّلْح]

(الْبَابُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الصُّلْحِ) وَهُوَ عَنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ جَائِزٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ وَيَلْزَمُ الْمُصَالِحَ بَدَلُ الصُّلْحِ، وَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ، وَلَا بُدَّ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ عَنْ الْإِنْكَارِ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى؛ إذْ الْمُدَّعِي يَأْخُذُ مَا يَأْخُذُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بَدَلًا عَمَّا يَدَّعِي أَوْ غَيْرَ مَا يَدَّعِي فَلَا بُدَّ مِنْ صِحَّةِ الدَّعْوَى حَتَّى يَثْبُتَ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ.

وَقَالَ فِي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّةِ أَنَّهُ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ صِحَّةُ الدَّعْوَى أَمْ لَا؟ فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: يُشْتَرَطُ، لَكِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ يَصِحُّ الصُّلْحُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ الْمَجْهُولِ دَعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلُ تُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا انْتَهَى.

وَفِي الْأَشْبَاهِ: الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ بَعْدَ دَعْوَى فَاسِدَةٍ فَاسِدٌ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَلَكِنْ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ مَسَائِلَ شَتَّى مِنْ الْقَضَاءِ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ الْإِنْكَارِ جَائِزٌ بَعْدَ دَعْوَى مَجْهُولَةٍ فَلْيُحْفَظْ وَيُحْمَلْ عَلَى فَسَادِهَا بِسَبَبِ مُنَاقَضَةِ الْمُدَّعِي لَا لِتَرْكِ شَرْطِ الْمُدَّعِي كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ وَهُوَ تَوْفِيقٌ وَاجِبٌ فَيُقَالُ: إلَّا فِي كَذَا وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.

لَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ حَلَفَ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ضَامِنٌ، وَحَلَفَ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا فِي دَعْوَى مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ، وَإِنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ، فَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَصُولِحَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الدَّارِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ الْعِوَضِ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ كُلَّهُ يَرُدُّ كُلَّهُ

<<  <   >  >>