لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَيَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
شَهِدَا أَنَّهُ أَقْرَضَهُ عَامَ أَوَّل أَلْفَ دِرْهَمٍ فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ بَرْهَنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا بِيَوْمٍ فَحُكِمَ بِالْبَرَاءَةِ وَبِرَدِّ الْمَالِ لَمْ يَضْمَنَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُمَا لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ لِجَوَازِ أَنَّهُمَا عَايَنَا الْقَرْضَ عَامَ أَوَّلَ فَشَهِدَا بِهِ وَلَمْ يَعْرِفَا الْبَرَاءَةَ فَلَمْ يَشْهَدَا بِالْقَرْضِ لِلْحَالِ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدَا بِقَرْضٍ، وَشَهِدَا أَنَّ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا، فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ، وَيُخَيَّرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُدَّعِيَ أَوْ الشَّاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا حَقَّقَا عَلَيْهِ إيجَابَ الْمَالِ فِي الْحَالِ، وَلَمْ يُخْبِرَا عَنْ شَيْءٍ مَضَى فَظَهَرَ كَذِبُهُمَا مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَاثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَ الْحُكْمِ فَثُلُثُ الضَّمَانِ عَلَى مُدَّعِي الِاثْنَيْنِ، وَالثُّلُثَانِ عَلَى مُدَّعِي الْأَرْبَعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ.
وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَيْنِ بِتِلْكَ الْأَلْفِ، وَقَضَى بِهَا ثُمَّ رَجَعَ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ وَاحِدٌ ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ ثُمُنَيْنِ وَنِصْفًا بَيْنَهُمَا، وَذَكَرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُمَا يَضْمَنَانِ نِصْفَ الْمَالِ بَيْنَهُمَا وَقِيلَ: مَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الْقِيَاسُ كَذَا فِي الْحَقَائِقِ (قُلْتُ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى التَّلْقِينَ لِمَا رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ أَنَّ مُحَمَّدًا لَقَّنَنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَسِبْنَا أَنَّنَا فَهِمْنَا فَلَمْ تَبْقَ مَعَنَا إلَى عَتَبَةِ الْبَابِ، وَتُسَمَّى مَسْأَلَةَ النَّظَرِ إلَى الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَ لَقَّنَنَا كَانَ يَنْظُرُ بَعْضُنَا إلَى بَعْضٍ هَلْ فَهِمْت فَإِنِّي لَمْ أَفْهَمْ، وَقَدْ حُقِّقَ وَجْهُ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَنْبَغِي فِي شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ فَمَنْ أَرَادَ فَلْيُرَاجِعْ.
وَإِذَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ بَاعَ عَبْدَهُ بِخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ قَالَا بِخَمْسِمِائَةٍ حَالَةً وَأَنَّهُ أَجَّلَهُ سَنَةً، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ مِائَةٌ، وَالْبَائِعُ يَجْحَدُ فَقَضَى بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ قِيمَةَ الْعَبْدِ حَالَّةً وَلَا يُضَمِّنُهُمَا خَمْسَمِائَةٍ فَإِنْ ضَمَّنَ الشَّاهِدَيْنِ رَجَعَا بِالثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا حَلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُمَا بِأَدَاءِ الضَّمَانِ قَامَا مَقَامَ الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَكَذَا هُمَا وَإِذَا رَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي يَطِيبُ لَهُمَا وَيَتَصَدَّقَانِ بِالْفَضْلِ وَمِثْلُهُ لَوْ شَهِدَا بِالْبَيْعِ بِخَمْسِمِائَةٍ وَقَضَى بِهِ الْقَاضِي ثُمَّ شَهِدَا أَنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ الثَّمَنَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَتَيْنِ جَمِيعًا ضَمِنَا الثَّمَنَ خَمْسَمِائَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يُتْلِفَا ذَلِكَ الثَّمَنَ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ فَوَّتَا عَلَيْهِ إمْكَانَ أَخْذِ الثَّمَنِ حَالًّا فَيَضْمَنَانِ لَهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ حَالَّةً فَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِالْأَجَلِ ثُمَّ رَجَعَا ضَمِنَا؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا إمْكَانَ الْأَخْذِ كَذَا هَاهُنَا مِنْ الصُّغْرَى.
الْقَاضِي إذَا أَخْطَأَ فِي قَضَائِهِ كَانَ خَطَؤُهُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ بِجَوْرٍ كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ السِّيَرِ.
[بَاب فِي الْإِقْرَارِ]
(الْبَابُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ فِي الْإِقْرَارِ) الْإِقْرَارُ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ لِوُقُوعِهِ دَلَالَةً فَإِذَا أَقَرَّ الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ مَجْهُولًا كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ أَوْ مَعْلُومًا، وَيُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى الْبَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute