للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ ثُمَّ غَابَ وَدَخَلَ سَارِقٌ وَسَرَقَ شَيْئًا الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ النَّاقِبُ مَا سَرَقَهُ السَّارِقُ مِنْ الْخُلَاصَةِ.

السَّارِقُ لَوْ رَدَّهُ إلَى دَارِ الْمَالِكِ أَوْ إلَى مَنْ فِي عِيَالِهِ فِي الْجَامِعِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَيَسْقُطُ اسْتِحْسَانًا، مِنْ الْمُشْتَمِلِ.

[بَاب فِي الْإِكْرَاهِ]

الْبَابُ الرَّابِعَ عَشَرَ فِي الْإِكْرَاهِ

الْإِكْرَاهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ إذَا حَصَلَ مِمَّنْ يَقْدِرُ عَلَى إيقَاعِ مَا تَوَعَّدَ بِهِ سُلْطَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَإِنْ غَابَ الْمُكْرَهُ عَنْ نَظَرِ مَنْ أَكْرَهَهُ يَزُولُ الْإِكْرَاهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَنَفْسُ الْأَمْرِ مِنْ السُّلْطَانِ إكْرَاهٌ مِنْ غَيْرِ تَهْدِيدٍ وَوَعِيدٍ وَمِنْ غَيْرِهِ لَا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمَأْمُورُ بِدَلَالَةِ الْحَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمَرَ بِقَتْلِهِ أَوْ بِقَطْعِ عُضْوِهِ أَوْ بِضَرْبِهِ ضَرْبًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ تَلَفِ عُضْوِهِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْأَشْبَاهِ.

وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى بَيْعِ مَالِهِ بِضَرْبٍ شَدِيدٍ أَوْ حَبْسٍ حَتَّى بَاعَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الْبَيْعَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَإِنْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَى الشِّرَاءِ فَالْبَائِعُ يَضْمَنُ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ ضَمِنَ الْمُكْرِهُ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الشِّرَاءِ فَهَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِهِ إنْ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ لَا يَضْمَنُ وَيَهْلِكُ أَمَانَةً.

وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى النِّكَاحِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ يَجِبُ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَتَبْطُلُ الزِّيَادَةُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ عَبْدِهِ فَفَعَلَ يَقَعُ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا وَلَا سِعَايَةَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ الْآمِرُ عَلَى الْعَبْدِ بِالضَّمَانِ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ شَيْءٌ يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْمُتْعَةِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ بِشَيْءٍ وَمَحَلُّ الْمَسْأَلَةِ الْهِدَايَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ فِي الْإِصْلَاحِ وَالْإِيضَاحِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ عَلَى الْإِعْتَاقِ قَوْلًا أَمَّا إذَا كَانَ فِعْلًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شِرَاءِ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْقِيمَةِ اهـ.

إذَا أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ قَيْدٍ أَوْ حَبْسٍ عَلَى قَتْلِ مُسْلِمٍ فَفَعَلَ لَا يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِهِمْ وَإِنْ أُكْرِهَ بِقَتْلٍ أَوْ إتْلَافِ عُضْوٍ فَفَعَلَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ يَصِحُّ الْإِكْرَاهُ وَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ وَكَانَ عَلَى الْآمِرِ دِيَةُ الْمَقْتُولِ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَقَالَ زُفَرُ الْإِكْرَاهُ بَاطِلٌ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ يُقْتَلَانِ جَمِيعًا.

السُّلْطَانُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: اقْطَعْ يَدَ فُلَانٍ هَذَا وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ وَسِعَهُ أَنْ يَقْطَعَ وَإِذَا قَطَعَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَا رِوَايَةَ فِيهَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ.

وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: أَلْقِ نَفْسَك فِي هَذِهِ النَّارِ وَإِلَّا لَأَقْتُلَنَّكَ يَنْظُرُ إنْ كَانَتْ النَّارُ قَدْ يَنْجُو مِنْهَا وَقَدْ لَا يَنْجُو وَسِعَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا فَإِنْ أَلْقَى وَمَاتَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ وَفِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ: فِي رِوَايَةٍ: يَجِبُ الْقِصَاصُ، وَفِي رِوَايَةٍ: تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ بِحَيْثُ لَا يَنْجُوَ مِنْهَا لَكِنَّ لَهُ فِي الْإِلْقَاءِ قَلِيلُ رَاحَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُلْقِيَ نَفْسَهُ فِيهَا، وَقِيلَ بِأَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنْ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا وَهَلَكَ كَانَ عَلَى الْآمِرِ الْقِصَاصُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَفِي

<<  <   >  >>