إذَا كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ قَبْلَ دَيْنِهِمَا بَرِئَ الْمَطْلُوبُ مِنْ حِصَّتِهِ، وَلَا شَيْءَ لِشَرِيكِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَبَضَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يُشَارِكُهُ، وَلَوْ أَبْرَأهُ مِنْ نَصِيبِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً عَمْدًا مُوجِبَةً لِلْأَرْشِ حَتَّى سَقَطَ الدَّيْنُ لَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ عَلَى مَالِ، وَلَوْ أَفْسَدَ مَتَاعًا لَهُ لَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشَارِكُهُ كَمَا لَوْ غَصَبَ مِنْهُ شَيْئًا يُسَاوِي خَمْسَمِائَةٍ، وَالِاخْتِلَافُ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَمَّا فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ الْجُرْجَانِيِّ أَطْلَقَ الْجَوَابَ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا.
وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْهُ مَالًا وَاشْتَرَى بِهِ شَيْئًا بَعْدَ ثُبُوتِ هَذَا الْمَالِ فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُشَارِكَهُ مِنْ الْخُلَاصَةِ (قُلْتُ) وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا.
[بَاب فِي السَّيْر]
(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ فِي السِّيَرِ) لَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْلِفَ الْعَسْكَرُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَيَأْكُلُوا مِمَّا وَجَدُوا مِنْ الطَّعَامِ كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَالزَّيْتِ، وَقَدْ شَرَطَ الْحَاجَةَ فِي رِوَايَةٍ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْأُخْرَى، وَيُقَاتِلُوا بِمَا يَجِدُونَهُ مِنْ السِّلَاحِ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، وَيُرَدُّ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ اُسْتُغْنِيَ عَنْهُ، وَالدَّابَّةُ مِثْلُ السِّلَاحِ وَيَسْتَعْمِلُوا الْحَطَبَ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الطِّيبَ وَيَدَّهِنُوا بِالدُّهْنِ وَيُوقِحُوا بِهِ الدَّابَّةَ عِنْدَ الْحَاجَةِ، كُلُّ ذَلِكَ بِلَا قِسْمَةٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَا يَتَمَوَّلُونَهُ فَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ رَدَّ الثَّمَنَ إلَى الْغَنِيمَةِ وَإِذَا خَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَعْلِفُوا مِنْ الْغَنِيمَةِ، وَلَا يَأْكُلُوا مِنْهَا وَمَنْ فَضَلَ مَعَهُ عَلَفٌ أَوْ طَعَامٌ رَدَّهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إذَا لَمْ يُقَسَّمْ، وَبَعْدَ الْقِسْمَةِ تَصَدَّقُوا بِهِ إنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، وَانْتَفَعُوا بِهِ إنْ كَانُوا مَحَاوِيجَ، وَإِنْ كَانُوا انْتَفَعُوا بِهِ بَعْدَ الْإِحْرَازِ تُرَدُّ قِيمَتُهُ إلَى الْمَغْنَمِ إنْ كَانَ لَمْ يُقَسَّمْ، وَإِنْ قُسِّمَتْ الْغَنَائِمُ فَالْغَنِيُّ يَتَصَدَّقُ بِقِيمَتِهِ، وَالْفَقِيرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَفِي الْوَجِيزِ وَبَعْدَ الْإِحْرَازِ لَا يُبَاحُ لَهُمْ التَّنَاوُلُ إلَّا بِالضَّمَانِ، وَإِنْ فَضَلَ مَعَهُ فَضْلٌ يُعِيدُهُ إلَى الْغَنِيمَةِ إنْ لِمَ يُقَسَّمْ إنْ كَانَ غَنِيًّا، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَأْكُلُ بِالضَّمَانِ انْتَهَى.
السُّلْطَانُ إذَا أَوْدَعَ بَعْضَ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ الْغَازِي ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَهُ مَنْ أَوْدَعَهَا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ مِنْ الْوَقْفِ قُلْتُ: وَقَدْ رَأَيْتهَا فِي السِّيَرِ مِنْ فَتَاوِيهِ أَيْضًا.
الْعَادِلُ إذَا أَتْلَفَ نَفْسَ الْبَاغِي أَوْ مَالَهُ لَا يَضْمَنُ، وَلَا يَأْثَمُ وَالْبَاغِي إذَا قَتَلَ الْعَادِلَ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ، وَلَوْ أَتْلَفَ الْعَادِلُ مَالَ الْبَاغِي يُسْتَحَلُّ مَالُ الْعَادِلِ، وَلَيْسَ لَنَا وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ عَلَيْهِمْ فَلَا يُفِيدُ إيجَابُ الضَّمَانِ، وَلَا كَذَلِكَ الْعَادِلُ انْتَهَى.
قَوْمٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ جَمَعُوا مَالًا، وَدَفَعُوهُ إلَى رَجُلٍ لِيَدْخُلَ دَارَ الْحَرْبِ وَيَشْتَرِيَ أَسَارَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّ هَذَا الْمَالَ يَسْأَلُ التُّجَّارَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَ أَنَّهُ أَسِيرٌ حُرٌّ فِي أَيْدِيهِمْ يَشْتَرِيهِ الْمَأْمُورُ، وَلَا يُجَاوِزُ قِيمَةَ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute