للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَاضِي خَانْ مِنْ الْغَصْبِ، لَوْ مَرَّ رَجُلٌ بِشَاةِ غَيْرِهِ وَقَدْ أَشْرَفَتْ عَلَى الْهَلَاكِ فَذَبَحَهَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِالْحِفْظِ.

وَذَكَرَ فِي النَّوَازِلِ شَاةٌ لِإِنْسَانٍ سَقَطَتْ وَخِيفَ عَلَيْهَا الْمَوْتُ فَذَبَحَهَا إنْسَانٌ كَيْ لَا تَمُوتَ لَا يَضْمَنُ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ دَلَالَةً.

وَكَذَا الْقَصَّابُ إذَا شَدَّ رِجْلَ شَاةٍ وَأَضْجَعَهَا وَجَاءَ إنْسَانٌ وَذَبَحَهَا لَا يَضْمَنُ انْتَهَى وَتُسَمَّى هَذِهِ اسْتِحْسَانِيَّةٌ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَلَيْسَ مِنْهَا سَلْخُ الشَّاةِ بَعْدَ تَعْلِيقِهَا لِلتَّفَاوُتِ انْتَهَى.

وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ حَجِّ الْمَرِيضِ فِي جِنْسِ الْمَسَائِلِ الاستحسانية، إنَّ كُلَّ فِعْلٍ لَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ دَلَالَةً، وَمَا يَتَفَاوَتُ فِيهِ النَّاسُ لَا تَثْبُتُ الِاسْتِعَانَةُ لِكُلِّ أَحَدٍ، كَمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً وَعَلَّقَهَا لِلسَّلْخِ فَسَلَخَهَا رَجُلٌ ضَمِنَ وَمِنْ الْأَوَّلِ ذَبْحُ أُضْحِيَّةِ غَيْرِهِ فِي أَيَّامِهَا بِلَا إذْنِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَكَذَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ الْقَصَّابِ إذَا شَدَّهَا لِلذَّبْحِ كَمَا ذَكَرْنَا عَنْ قَاضِي خَانْ لَا لَوْ لَمْ يَشُدَّهَا وَقَدْ مَرَّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ طَرَفٌ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ.

أَمَرَهُ بِذَبْحِ شَاةٍ فَلَمْ يَذْبَحْ حَتَّى بَاعَ ثُمَّ ذَبَحَ يَضْمَنُ عَلِمَ بِالْبَيْعِ، أَوْ لَا.

وَفِي الْأَجْنَاسِ لَا يَضْمَنُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ كَذَا فِي الْأُضْحِيَّة، مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.

[بَاب فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ]

(الْبَابُ السَّادِسَ عَشَرَ فِي مَسَائِلِ اللَّقِيطِ وَاللُّقَطَةِ)

اللُّقَطَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ لَا يَضْمَنُهَا إلَّا بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا، أَوْ بِالْمَنْعِ عِنْدَ الطَّلَبِ إذَا أَشْهَدَ الْمُلْتَقِطُ حِينَ الْأَخْذِ أَنَّهُ يَأْخُذُهَا لِيَحْفَظَهَا وَيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا وَيَكْفِيهِ لِلْإِشْهَادِ أَنْ يَقُولَ: مَنْ سَمِعْتُمُوهُ يَنْشُدُ لُقَطَةً فَدُلُّوهُ عَلَيَّ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ وَقَالَ أَخَذْتُهَا لِلرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَضْمَنُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ أَخَذَ لِلرَّدِّ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ الْخِلَافُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ عَنْ الْمَبْسُوطِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَاضِي خَانْ فِيمَا إذَا تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ إمَّا عِنْدَ عَدَمِهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يُشْهِدُهُ عِنْدَ الرَّفْعِ، أَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الرَّفْعِ يَأْخُذُهَا مِنْهُ ظَالِمٌ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُشْهِدُهُ حَتَّى جَاوَزَ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَفِيهِ أَيْضًا هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهَا لُقَطَةً وَلَكِنْ اخْتَلَفَا هَلْ الْتَقَطَهُمَا لِلْمَالِكِ أَمْ لَا؟

أَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا لُقَطَةً فَقَالَ الْمَالِكُ: أَخَذْتهَا غَصْبًا وَقَالَ الْمُلْتَقِطُ: لُقَطَةً أَخَذْتهَا لَك كَانَ الْمُلْتَقِطُ ضَامِنَهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.

وَعَلَى الْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعَرِّفَهَا إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ صَاحِبَهَا لَا يَطْلُبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا لَا يَبْقَى كَالْأَطْعِمَةِ الْمُعَدَّةِ لِلْأَكْلِ وَبَعْضِ الثِّمَارِ إلَى أَنْ يَخَافَ فَسَادَهُ ثُمَّ يَتَصَدَّقَ بِهَا، وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا لَوْ فَقِيرًا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا بَعْدَمَا تَصَدَّقَ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَمْضَى الصَّدَقَةَ وَلَهُ ثَوَابُهَا، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُلْتَقِطَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمِسْكِينَ إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ وَإِذَا كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّصَدُّقُ فِي التَّضْمِينِ بِقَوْلِهِمْ إنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ تَصَرُّفُهُ فِي مَالِ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، كَذَا فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو جَعْفَرٍ إنْ تَصَدَّقَ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ، انْتَهَى. وَأَيَّهُمَا ضَمِنَ الْمُلْتَقَطُ وَالْمِسْكِينُ لَا يَرْجِعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ بِشَيْءِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ.

وَإِنْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ مَا الْتَقَطَهُ قَبْلَ التَّعْرِيفِ، أَوْ بَعْدَهُ

<<  <   >  >>