بِبَيْعٍ، أَوْ فِدًى وَعِنْدَ مَالِكٍ إنْ أَتْلَفَهُ بَعْدَ التَّعَرُّفِ لَا يُطَالِبُ بِهِ لِلْحَالِ بَلْ بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا فِي الْمَجْمَعِ، وَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى النَّفَقَةِ إنْ كَانَ شَيْئًا يُمْكِنُ إجَارَتُهُ يُؤَاجِرُهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَجْرِ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى صَاحِبِهَا وَلِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْهُ حَتَّى يُحْضِرَ النَّفَقَةَ فَإِنْ هَلَكَتْ بَعْدَ الْحَبْسِ سَقَطَ دَيْنُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا بِالْحَبْسِ صَارَتْ كَالرَّهْنِ وَهُوَ مَضْمُونٌ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ هَلَكَتْ قَبْلَ الْحَبْسِ لَا يَسْقُطُ دَيْنُ النَّفَقَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي الْإِيضَاحِ نَقْلًا عَنْ الْيَنَابِيعِ وَالتَّقْرِيبِ لِأَبِي الْحَسَنِ الْقُدُورِيِّ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: لَوْ أَنْفَقَ عَلَى اللُّقَطَةِ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَحَبَسَهَا بِالنَّفَقَةِ فَهَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ النَّفَقَةُ خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّهَا رَهْنٌ غَيْرُ بَدَلٍ عَنْ عَيْنٍ وَلَا عَنْ عَمَلٍ مِنْهُ فِيهَا وَلَا تَنَاوَلَهُ عَقْدٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ، انْتَهَى.
قُلْت: وَلَعَلَّ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ اطَّلَعَ عَلَى رِوَايَةٍ فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِنَا وَبِالْجُمْلَةِ فَعَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْفَتْوَى، وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْأُسْرُوشَنِيِّ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِأَمْرِ الْقَاضِي فَجَاءَ مَالِكًا فَقَالَ الْآخِذُ: أَنْفَقْت عَلَيْهَا كَذَا وَكَذَا وَذَلِكَ نَفَقَةُ مِثْلِهَا، وَكَذَّبَ رَبُّ الدَّابَّةِ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِدَ يَدَّعِي عَلَيْهِ دَيْنًا هُوَ يُنْكِرُهُ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، انْتَهَى. وَكَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي بَكْرٍ.
رَجُلٌ دَفَعَ لُقَطَةً وَأَشْهَدَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَذَكَرَ وَزْنَهَا وَكَيْلَهَا وَعَدَدَهَا وَكُلَّ عَلَامَةٍ كَانَتْ لَهَا فَلَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ وَطَلَبَ الْبَيِّنَةَ، عِنْدَنَا لَا يُجْبَرُ الْمُلْتَقِطُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِالْعَلَامَةِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ فَإِنْ كَانَتْ اللُّقَطَةُ فِي يَدِ الْأَوَّلِ يَأْخُذُهَا صَاحِبُهَا مِنْهُ إذَا قَدَرَ وَلَا شَيْءَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَتْ هَالِكَةً، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَخْذِهَا فَصَاحِبُهَا بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْآخِذَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ، وَذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ دَفَعَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ بِغَيْرِ قَضَاءِ الْقَاضِي ضَمِنَ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ دَفَعَ اللُّقَطَةَ إلَيْهِ يَعْنِي إلَى مَنْ صَدَّقَهُ أَنَّهَا لَهُ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَاسْتَحَقَّهَا بِالْبَيِّنَةِ إنْ وَجَدَ عَيْنَهَا أَخَذَهَا، وَإِنْ هَلَكَتْ ضَمِنَ أَيَّهُمَا شَاءَ، فَإِنْ ضَمِنَ الْقَابِضُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الدَّافِعِ، وَإِنْ ضَمِنَ الدَّافِعُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِض فِي رِوَايَةٍ، هَذَا إذَا دَفَعَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ، وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ، انْتَهَى.
حَطَبٌ وُجِدَ فِي الْمَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ قِيمَةٌ يَكُونُ لُقَطَةً وَحُكْمُ اللُّقَطَةِ مَعْلُومٌ.
التُّفَّاحُ وَالْكُمَّثْرَى إذَا كَانَا فِي نَهْرٍ جَارٍ قَالُوا: يَجُوزُ أَخْذُهُ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَفْسُدُ لَوْ تُرِكَ، وَلَوْ وَجَدَ جَوْزَةً ثُمَّ أُخْرَى حَتَّى بَلَغَ عَشْرًا وَلَهَا قِيمَةٌ فَإِنْ وَجَدَ الْكُلَّ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فَهُوَ لُقَطَةٌ، وَإِنْ وَجَدَهَا مُتَفَرِّقَةً اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا لُقَطَةٌ بِخِلَافِ النَّوَى إذَا وُجِدْت مُتَفَرِّقَةً وَيَكُونُ لَهَا قِيمَةٌ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ النَّوَاةَ مِمَّا يُرْمَى عَادَةً فَتَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمُبَاحِ وَلَا كَذَلِكَ الْجَوْزُ حَتَّى لَوْ وُجِدَ الْجَوْزُ تَحْتَ الْأَشْجَارِ وَيَتْرُكُهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّوَاةِ.
وَإِنْ وَجَدَ فِي الطَّرِيقِ شَجَرًا، أَوْ وَرَقًا مِنْ شَجَرٍ يُنْتَفَعُ بِهِ نَحْوَ وَرَقِ التُّوتِ وَنَحْوَهُ مِمَّا يُرْمَى إلَى دُودِ الْقَزِّ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَهُ قِيمَةٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ وَرَقًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ.
رَجُلٌ الْتَقَطَ لُقَطَةً لِيُعَرِّفَهَا ثُمَّ أَعَادَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute