يَضْمَنُ فُلَانٌ أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَالْوَجِيزِ.
لَوْ أَمَرَ الْمَالِكُ الْمُودَعَ بِصَرْفِ الْوَدِيعَةِ إلَى دَيْنِهِ فَقَالَ الْمُودَعُ: سُرِقَتْ فَأَنْكَرَ رَبُّهَا صُدِّقَ الْمُودَعُ فِي بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ حَتَّى يَبْقَى دَيْنُهُ عَلَى رَبِّهَا كَمَا كَانَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْمَالِكِ: وَهَبْتُهَا إلَيَّ أَوْ بِعْتَهَا مِنِّي وَأَنْكَرَ رَبُّهَا ثُمَّ هَلَكَتْ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْفُصُولَيْنِ وَمُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْعُدَّةِ.
لَوْ قَالَ الْمُودِعُ: تَلِفَتْ الْوَدِيعَةُ مُنْذُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَبَرْهَنَ رَبُّهَا أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَهُ مُنْذُ يَوْمَيْنِ فَقَالَ الْمُودَعُ: وَجَدْتُهَا فَتَلِفَتْ يُقْبَلُ وَلَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ: أَوَّلًا لَيْسَ عِنْدِي وَدِيعَةٌ ثُمَّ قَالَ: وَجَدْتُهَا فَضَاعَتْ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَالْفُصُولَيْنِ.
طَلَبَ الْمَالِكُ الْوَدِيعَةَ فَقَالَ الْمُودَعُ: أَنْفَقْتُهَا عَلَى أَهْلِك بِأَمْرِك وَقَالَ الْأَهْلُ: نَعَمْ أَمَرْتَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْنَا وَكَذَّبَهُ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ يَضْمَنُ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ]
(الْفَصْلُ السَّادِسُ فِي الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ) لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمَّامِيِّ وَالثِّيَابِيِّ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثِّيَابِيَّ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِمَا يَضْمَنُ الْمُودَعُ اهـ قُلْتُ: هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَأْجِرْ الْحَمَّامِيُّ لِحِفْظِ ثَوْبِهِ أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِحِفْظِ ثَوْبِهِ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ قِيلَ: يَضْمَنُ وِفَاقًا وَقِيلَ: الشَّرْطُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَاسْتَأْجَرَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا تَلَفَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ: يَضْمَنُ الْحَمَّامِيُّ إجْمَاعًا وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَالْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ سَوَّى بَيْنَهُمَا وَكَانَ يَقُولُ بِعَدَمِ الضَّمَانِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَنَحْنُ نُفْتِي بِهِ أَيْضًا وَفِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ دَخَلَ حَمَّامًا وَقَالَ لِصَاحِبِهِ: احْفَظْ هَذِهِ الثِّيَابَ فَلَمَّا خَرَجَ لَمْ يَجِدْ ثِيَابَهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ إنْ سُرِقَ أَوْ ضَاعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا هَلَكَ يَضْمَنُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَمَّا إذَا شَرَطَ يَضْمَنُ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: الشَّرْطُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَاشْتِرَاطُ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ اهـ
وَلَوْ لَمْ يَشْرِطْ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَقَدْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ بِلَا صُنْعٍ وَالتَّفْصِيلُ الْمُخْتَارُ مِنْ ضَمَانِ الْأَجِيرِ وَكَذَا الثِّيَابِيُّ إنَّمَا يَضْمَنُ بِمَا يَضْمَنُ بِهِ الْمُودَعُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ بِإِزَاءِ الْحِفْظِ أَجْرٌ أَمَّا لَوْ شُرِطَ لَهُ بِإِزَاءِ حِفْظِ الثِّيَابِ أَجْرٌ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِيهِ كَالِاخْتِلَافِ فِي الْحَمَّامِيِّ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سُرِقَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّهُمَا أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ فِي مَسْأَلَةِ الثِّيَابِيِّ عِنْدَهُمَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الثِّيَابِيُّ أَجِيرَ الْحَمَّامِيِّ يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ أَجْرًا مَعْلُومًا بِهَذَا الْعَمَلِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا عِنْدَ الْكُلِّ بِمَنْزِلَةِ تِلْمِيذِ الْقَصَّارِ وَالْمُودَعِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي مَسَائِلِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ فَتَاوَاهُ.
رَجُلٌ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَكَانَ صَاحِبُ الْحَمَّامِ جَالِسًا لِأَجْلِ الْقِلَّةِ فَوَضَعَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ثَوْبَهُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ وَلَمْ يَقُلْ بِلِسَانِهِ شَيْئًا وَدَخَلَ الْحَمَّامَ ثُمَّ لَمْ يَجِدْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَمَّامِ ثِيَابِيٌّ يَضْمَنُ