مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
إذَا غَصَبَ بِزْرًا فَغَرَسَهُ فَأَنْبَتَهُ مَلَكَهُ بِالْقِيمَةِ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّمَانِ.
لَوْ غَزَلَتْ الْمَرْأَةُ قُطْنَ زَوْجِهَا بِلَا إذْنِهِ إنْ كَانَ الزَّوْجُ بَائِعَ الْقُطْنِ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا، وَعَلَيْهَا الْقُطْنُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْقُطْنَ لِلتِّجَارَةِ فَكَانَ النَّهْيُ ثَابِتًا مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ فَتَصِيرُ غَاصِبَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَائِعَ الْقُطْنِ فَاشْتَرَى قُطْنًا، وَجَاءَ إلَى مَنْزِلِهِ فَغَزَلَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَاءَ بِهِ إلَى الْمَنْزِلِ لِتَغْزِلَهُ الْمَرْأَةُ تَطَوُّعًا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ خَبَزَتْ مِنْ دَقِيقِ الزَّوْجِ أَوْ طَبَخَتْ قِدْرَ اللَّحْمِ جَاءَ بِهِ الزَّوْجُ فَإِنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَتَكُونُ الْمَرْأَةُ مُتَطَوِّعَةً.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ اشْتَرَى قُطْنًا، وَأَمَرَ امْرَأَتَهُ أَنْ تَغْزِلَهُ فَغَزَلَتْهُ كَانَ الْغَزْلُ لِلزَّوْجِ، وَإِنْ وَضَعَ الْقُطْنَ فِي بَيْتِهِ، وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَغَزَلَتْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ الْغَزْلُ لَهَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ طَعَامٍ وُضِعَ فِي بَيْتِهِ فَأَكَلَتْهُ الْمَرْأَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
غَصَبَ تَالَّةً صَغِيرَةً فَغَرَسَهَا فِي مِلْكِهِ فَأَدْرَكَتْ فِي أَرْضِهِ فَلِرَبِّ التَّالَّةِ قِيمَتُهَا لَا النَّخْلَةُ، وَلَوْ غَرَسَ تَالَّةً فَلَمْ تَزْدَدْ فَلَوْ لَمْ تَنْبُتْ فَلَا شَكَّ إنَّهَا لِرَبِّهَا، وَلَوْ نَبَتَتْ، وَلَمْ تَزْدَدْ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِرَبِّهَا أَيْضًا مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
عَرَجَ الْحِمَارُ الْمَغْصُوبُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ إنْ كَانَ يَمْشِي مَعَ الْعَرَجِ ضَمِنَ النُّقْصَانَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْشِي فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْقَطْعِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
[الْفَصْلُ الثَّامِنُ فِي اخْتِلَافِ الْغَاصِبِ وَالْمَغْصُوبِ مِنْهُ]
ُ غَصَبَ دَابَّةً فَهَلَكَتْ، وَأَقَامَ صَاحِبُهَا بَيِّنَةً أَنَّهَا هَلَكَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ مِنْ رُكُوبِهِ وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا، وَمَاتَتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى، وَيَقْضِي عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَا لَوْ شَهِدَ شُهُودُ صَاحِبِهَا أَنَّ الْغَاصِبَ قَتَلَهَا أَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَارًا فَأَقَامَ صَاحِبُهَا بَيِّنَةً أَنَّ الْغَاصِبَ هَدَمَ الدَّارَ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا كَانَتْ بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى، وَلَوْ أَقَامَ صَاحِبُهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ رَدَّهَا فَمَاتَتْ عِنْدَ صَاحِبِهَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ: بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا أَوْلَى.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَقْضِي بِبَيِّنَةِ الْغَاصِبِ.
وَذَكَرَ هِشَامٌ فِي نَوَادِرِهِ: رَجُلٌ غَزَلَ قُطْنَ غَيْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ صَاحِبُ الْقُطْنِ: غَزَلْت بِإِذْنِي وَالْغَزْلُ لِي، وَقَالَ الْآخَرُ: غَزَلْته بِغَيْرِ إذْنِكَ فَالْغَزْلُ لِي، وَلَكَ مِثْلُ قُطْنِك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْقُطْنِ مِنْ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غَصَبَهَا، وَنَقَصَتْ عِنْدَهُ، وَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَضْمَنُ، وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَفِيهَا أَيْضًا أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ كَذَا فَأَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّهَا كَذَا فَبَيِّنَةُ الْمَالِكِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ بَيِّنَةٌ فَأَرَادَ الْغَاصِبُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَقَالَ الْمَالِكُ: أُحَلِّفُهُ وَلَا أُرِيدُ الْبَيِّنَةَ لَهُ ذَلِكَ.
أَقَامَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْقِيمَةٍ، وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةٍ لَا تُقْبَلُ.
جَاءَ الْغَاصِبُ بِثَوْبٍ، وَقَالَ: أَنَا غَصَبْت هَذَا فَقَالَ الْمَالِكُ: لَا بَلْ غَصَبْت ثَوْبًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا الثَّوْبِ هَرَوِيًّا أَوْ مَرْوِيًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ.
ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ جُبَّةً مَحْشُوَّةً فَقَالَ: غَصَبْت الظِّهَارَةَ، وَلَا غَيْرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُك