فَأَرْضَعَتْ الْمَجْنُونَةُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِلْمَجْنُونَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَجْنُونَةِ بِمَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَكَذَا الصَّغِيرَةُ لَوْ جَاءَتْ إلَى الْكَبِيرَةِ وَهِيَ نَائِمَةٌ فَأَخَذَتْ بِثَدْيِهَا وَرَضَعَتْ مِنْهَا بَانَتَا وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الصَّدَاقِ، وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الصَّغِيرَةِ بِشَيْءٍ.
وَلَوْ أَخَذَ رَجُلٌ لَبَنَ الْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ وَأَوْجَرَهُ الصَّغِيرَةَ بَانَتَا مِنْهُ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ إنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ الْوَجِيزِ.
[بَاب فِي الدَّعْوَى]
(الْبَابُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ فِي الدَّعْوَى) ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدِ رَجُلٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ فُلَانٍ الْغَائِبِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَذُو الْيَدِ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا آخَرَ غَيْرَ ذَلِكَ الْغَائِبِ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا ثَوْبِي غَصَبَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ وَأَقَامَ بَيِّنَتَهُ وَقَالَ ذُو الْيَدِ: إنَّ ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوْدَعَنِيهِ تَنْدَفِعُ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ؛ لِأَنَّهُمَا تَصَادَقَا عَلَى أَنَّ الْيَدَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: هَذَا ثَوْبِي سَرَقَهُ مِنِّي فُلَانٌ الْغَائِبُ، وَقَالَ ذُو الْيَدِ: أَوْدَعَنِيهِ ذَلِكَ الْغَائِبُ لَا تَنْدَفِعُ الْخُصُومَةُ اسْتِحْسَانًا.
وَإِنْ وَقَعَ الدَّعْوَى فِي الْعَيْنِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَتَهُ أَنَّهُ كَانَ عِنْدِي وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ إجَارَةً أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى تَقَعُ فِي الدَّيْنِ وَمَحَلُّهُ الذِّمَّةُ بِخِلَافِ الْعَيْنِ ثُمَّ إذَا قُضِيَ لِلْمُدَّعِي وَأَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ وَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِيمَا قَالَ فَفِي الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَالشَّرِكَةِ رَجَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْغَائِبِ بِمَا ضَمِنَ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَعِيرُ وَالْغَاصِبُ وَالسَّارِقُ، وَإِنْ كَذَّبَ الْغَائِبُ صَاحِبَ الْيَدِ فِي إقْرَارِهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ مِنْ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا فَلَا رُجُوعَ لَهُ مَا لَمْ يُقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَنَحْوِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي لِنَفْسِهِ دَيْنًا عَلَى الْغَائِبِ بِسَبَبِ عَمَلِ عَمَلٍ لَهُ وَهُوَ يُنْكِرُ كَذَا فِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي غَلَّاتِ امْرَأَتِهِ وَيَدْفَعُ ذَهَبَهَا بِالْمُرَابَحَةِ ثُمَّ مَاتَتْ فَادَّعَى وَرَثَتُهَا أَنَّك تَتَصَرَّفُ فِي مَالِهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا وَعَلَيْك الضَّمَانُ فَقَالَ الزَّوْجُ: بَلْ بِإِذْنِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَتَصَرَّفُ مِثْلَ هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ إلَّا بِإِذْنِهَا، وَالظَّاهِرُ يَكْفِي لِلدَّفْعِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَلَوْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ دَيْنًا عَلَى مُورَثِهِ وَصَدَّقَهُ الْبَعْضُ وَأَنْكَرَهُ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الدَّيْنَ مِنْ نَصِيبِ مَنْ صَدَّقَ بَعْدَ أَنْ يَطْرَحَ نَصِيبَ الْمُدَّعِي مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ.
وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَيِّتٍ دَيْنًا وَصَدَّقَهُ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَجْمَعَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا يُؤْخَذُ مِنْ حِصَّةِ الْمُصَدِّقِ جَمِيعُ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي صَدَّقَهُ مُقِرٌّ بِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمِيرَاثِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنَّ الِاخْتِيَارَ عِنْدِي أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدَّيْنِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّيْخِ الْبَصْرِيِّ وَمَالِكٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَسُفْيَانَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُتَابِعُهُمْ قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْعَدُ الضَّرَرِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
لَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةُ الْمُشْتَرَكَةُ وَلَدًا مَيِّتًا أَوْ أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَهُوَ ابْنُهُ وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ وَنِصْفَ الْعُقْرِ لِشَرِيكِهِ.
اشْتَرَيَا أَمَةً مَعَ وَلَدِهَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَصَدَّقَهُ