[بَاب مَسَائِل الرَّهْن وَفِيهِ تِسْعَة فُصُولٍ] [الْفَصْل الْأَوَّل فِيمَا يَصِحّ رَهْنه وَمَا لَا يَصِحّ وَحُكْم الصَّحِيح وَالْفَاسِد وَالْبَاطِل]
الْبَابُ الثَّامِنُ فِي مَسَائِلِ الرَّهْنِ وَيَشْتَمِلُ هَذَا الْبَابُ عَلَى تِسْعَةِ فُصُولٍ) .
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِيمَا يَصِحُّ رَهْنُهُ وَمَا لَا يَصِحُّ وَحُكْمُ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ)
الرَّهْنُ لَا يَلْزَمُ وَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَيَكْتَفِي فِي الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَثْبُتُ الْقَبْضُ فِي الْمَنْقُولِ إلَّا بِالنَّقْلِ. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَيَمْنَعُ التَّسْلِيمَ كَوْنُ الرَّاهِنِ أَوْ مَتَاعِهِ فِي الدَّارِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَا مَتَاعُهُ فِي الْوِعَاءِ الْمَرْهُونِ وَيَمْنَعُ تَسْلِيمَ الدَّابَّةِ الْمَرْهُونَةِ الْحِمْلُ عَلَيْهَا فَلَا يَتِمُّ حَتَّى يُلْقَى الْحِمْلُ؛ لِأَنَّهُ شَاغِلٌ لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ الْحِمْلَ دُونَهَا حَيْثُ يَكُونُ رَهْنًا تَامًّا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدَّابَّةَ مَشْغُولَةٌ بِهِ فَصَارَ هَذَا كَمَا إذَا رَهَنَ مَتَاعًا فِي دَارٍ أَوْ وِعَاءً دُونَ الدَّارِ وَالْوِعَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا رَهَنَ سَرْجًا عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ لِجَامًا فِي رَأْسِهَا وَدَفَعَ الدَّابَّةَ مَعَ السَّرْجِ وَاللِّجَامِ حَيْثُ لَا يَكُونُ رَهْنًا حَتَّى يَنْزِعَهُ مِنْهَا ثُمَّ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الدَّابَّةِ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَرَةِ لِلنَّخِيلِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا رَهَنَ دَارًا وَهُمَا فِيهَا فَقَالَ: سَلَّمْت إلَيْك لَا يَتِمُّ الرَّهْنُ مَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الدَّارِ ثُمَّ يَقُولُ: سَلَّمْت إلَيْك.
وَلَوْ رَهَنَ صُوفًا عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ لَا يَصِيرُ قَابِضًا حَتَّى يَجُزَّ وَيَقْبِضَ.
وَلَوْ رَهَنَ بَيْتًا مُعَيَّنًا مِنْ دَارٍ أَوْ طَائِفَةً مُعَيَّنَةٍ مِنْهَا وَسَلَّمَ جَازَ مِنْ قَاضِي خَانْ وَقَدْرُ الدَّيْنِ مِنْ الرَّهْنِ مَضْمُونٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا إنْ هَلَكَ بِلَا صُنْعِ الْمُرْتَهِنِ وَالْفَضْلُ أَمَانَةٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِمَا تُضْمَنُ بِهِ الْوَدِيعَةُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ فَلَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بِلَا صُنْعٍ وَلَا تَضْيِيعٍ مِنْهُ كَانَ مَضْمُونًا بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَمِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ وَقِيمَتُهُ سَوَاءً صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا لِدَيْنِهِ حُكْمًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِالْفَضْلِ وَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ فَالْفَضْلُ أَمَانَةٌ
وَعِنْدَ زُفَرَ الرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ وَقِيمَتُهُ يَوْمَ رَهَنَ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ وَالدَّيْنُ أَلْفٌ رَجَعَ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِخَمْسِمِائَةٍ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا يَوْمَ الْهَلَاكِ بِالِاتِّفَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ أَلْفًا وَقَدْ رُهِنَ بِهَا وَكَانَتْ يَوْمَ الْهَلَاكِ خَمْسَمِائَةٍ بِتَرَاجُعِ السِّعْرِ ذَهَبَ بِالدَّيْنِ كُلِّهِ وَالْمَسْأَلَةُ مَشْهُورَةٌ وَفِي رَهْنِ الْقُدُورِيِّ رَهَنَ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفٌ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةٍ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْفُصُولَيْنِ قَالَ فِي الصُّغْرَى: اُعْتُبِرَ قِيمَتُهُ فِي الرَّهْنِ يَوْمَ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْغَصْبِ وَسَنَذْكُرُهَا فِي بَابِهِ.
وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقَوْلِ فِي ثَمَنِ الْمِثْلِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْهَلَاكِ لِقَوْلِهِمْ إنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ فِيهِ حَتَّى كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي حَيَاتِهِ وَكَفَنُهُ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ اهـ.
وَلَوْ شَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً جَازَ الرَّهْنُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَقَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ رَهْنًا بِمَالٍ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ: آخُذُهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ ضَاعَ ضَاعَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ: نَعَمْ فَالرَّهْنُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ إنْ ضَاعَ ذَهَبَ بِالْمَالِ وَالْمَقْبُوضُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ النِّكَاحِ الرَّهْنُ الْفَاسِدُ وَهُوَ رَهْنُ الْمَشَاعِ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ يَهْلِكُ أَمَانَةً عَنْ الْكَرْخِيِّ.
وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ عَلَى أَنَّهُ كَالرَّهْنِ الْجَائِزِ اهـ وَفِي