للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الَّتِي أَخَذَهَا فِي الْمِائَةِ ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَقَالَ: اخْلِطْهَا بِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ فَفَعَلَ ثُمَّ ضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ كُلُّهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْأَرْبَعِينَ وَيَضْمَنُ بِقِيمَتِهَا أَمَّا الْبَقِيَّةُ فَلِأَنَّ الْعِشْرِينَ قَرْضٌ وَالْقَرْضُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُسْتَقْرِضِ فَإِذَا خَلَطَ الْعِشْرِينَ الَّتِي هِيَ مِلْكُهُ الْوَدِيعَةِ صَارَ مُسْتَهْلِكًا لِلْوَدِيعَةِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْأَرْبَعِينَ لِأَنَّهُ خَلَطَ الْأَرْبَعِينَ بِإِذْنِ مَالِكِهَا.

وَلَوْ اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَأَعْطَاهُ سِتِّينَ غَلَطًا فَأَخَذَ مِنْهَا الْعَشَرَةَ لِيَرُدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَهَلَكَتْ فِي الطَّرِيقِ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعَشَرَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ قَرْضٌ وَالْبَاقِي وَدِيعَةٌ وَكَذَا لَوْ هَلَكَ الْبَاقِي يَضْمَنُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ.

وَلَوْ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: ثَلَاثَةٌ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ لَك وَالسَّبْعَةُ الْبَاقِيَةُ سَلِّمْهَا إلَى فُلَانٍ فَهَلَكَتْ الدَّرَاهِمُ فِي الطَّرِيقِ يَضْمَنُ الثَّلَاثَةَ لِأَنَّهَا كَانَتْ هِبَةً فَاسِدَةً وَلَوْ كَانَ مَكَانُ الْهِبَةِ وَصِيَّةً مِنْ الْمَيِّتِ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْمَشَاعِ جَائِزَةٌ وَلَا يَضْمَنُ السَّبْعَةَ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ جَمِيعًا لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ.

دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَقَالَ: خَمْسَةٌ مِنْهَا هِبَةٌ لَك وَخَمْسَةٌ مِنْهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَك فَاسْتَهْلَكَ الْقَابِضُ مِنْهَا خَمْسَةً وَهَلَكَتْ الْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ ضَمِنَ الْقَابِضُ سَبْعَةً وَنِصْفًا لِأَنَّ الْخَمْسَةَ الْمَوْهُوبَةَ مَضْمُونَةٌ عَلَى الْقَابِضِ لِأَنَّهَا هِبَةٌ فَاسِدَةٌ فَالْخَمْسَةُ الَّتِي اسْتَهْلَكَهَا كُلَّهَا صَارَتْ مَضْمُونَةً بِالِاسْتِهْلَاكِ فَيَضْمَنُ هَذِهِ الْخَمْسَةَ وَالْخَمْسَةُ الَّتِي ضَاعَتْ نِصْفُهَا مِنْ الْهِبَةِ مَضْمُونٌ وَنِصْفُهَا أَمَانَةٌ فَيَضْمَنُ نِصْفَهَا وَهُوَ اثْنَانِ وَنِصْفٌ فَلِذَلِكَ يَضْمَنُ سَبْعَةً وَنِصْفًا.

رَجُلٌ أَجْلَسَ عَبْدَهُ فِي حَانُوتِهِ وَفِي الْحَانُوتِ وَدَائِعُ فَسُرِقَتْ ثُمَّ وَجَدَ الْمَوْلَى بَعْضَهَا فِي يَدِ عَبْدِهِ وَقَدْ أَتْلَفَ الْبَعْضَ فَبَاعَ الْمَوْلَى الْعَبْدَ فَإِنْ كَانَ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ سَرَقَ الْوَدِيعَةَ وَأَتْلَفَهَا فَصَاحِبُ الْوَدِيعَةِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ ثُمَّ بِيعَ فِي دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ الْمَوْلَى بَاعَ عَبْدًا مَدْيُونًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مَوْلَاهُ عَلَى الْعِلْمِ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ وَإِنْ نَكَلَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ كَانَ هَذَا وَمَا لَمْ يَثْبُتْ الدَّيْنُ بِالْبَيِّنَةِ سَوَاءٌ وَإِنْ أَنْكِرْ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لِصَاحِبِ الْوَدِيعَةِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ لَكِنْ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى دُونَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَاضِي خَانْ.

[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي الْهَلَاكِ بَعْدَ الطَّلَبِ وَالْجُحُودِ وَالرَّدِّ]

طَلَبَ الْوَدِيعَةَ صَاحِبُهَا فَحَبَسَهَا عَنْهُ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا ضَمِنَهَا مِنْ الْهِدَايَةِ.

طَلَبَهَا صَاحِبُهَا فَقَالَ الْمُسْتَوْدَعُ: لَا يُمْكِنُنِي أَنْ أُحْضِرَهَا السَّاعَةَ فَتَرَكَ وَرَجَعَ ثُمَّ هَلَكَتْ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمَّا طَلَبَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ عَزَلَهُ عَنْ الْحِفْظِ ثُمَّ لَمَّا تَرَكَ وَرَجَعَ كَانَ ذَلِكَ ابْتِدَاءَ إيدَاعٍ مِنْ قَاضِي خَانْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي طَلَبَ وَكِيلُ الْمَالِكِ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ مِنْ الْمَالِكِ إيدَاعٌ ابْتِدَاءً وَالْوَكِيلُ لَا يَمْلِكُ الْإِيدَاعَ فَيَضْمَنُ إذَا لَمْ يَدْفَعْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ مِنْ مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ قَالَ: احْمِلْ إلَيَّ الْيَوْمَ وَدِيعَتِي فَقَالَ: أَفْعَلُ وَلَمْ يَحْمِلْهَا إلَيْهِ الْيَوْمَ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ وَهَلَكَتْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ نَقْلُ الْوَدِيعَةِ إلَى صَاحِبِهَا.

طَلَبَهَا صَاحِبُهَا وَقَدْ هَاجَتْ الْفِتْنَةُ فَقَالَ

<<  <   >  >>