للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[بَاب فِي الْقِسْمَة]

(الْبَابُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ فِي الْقِسْمَةِ)

الْمَقْبُوضُ بِالْقِسْمَةِ الْفَاسِدَةِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهِ وَيَنْفُذُ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَالْمَقْبُوضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ مِنْ الْقُنْيَةِ.

رَجُلٌ مَاتَ فَقَاسَمَتْ امْرَأَتُهُ أَوْلَادَهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَهُمْ كِبَارٌ كُلُّهُمْ وَأَقَرُّوا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ ثُمَّ وَجَدُوا شُهُودًا شَهِدُوا أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَإِنَّهُمْ يَرْجِعُونَ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذَتْ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ إذَا قَاسَمَ امْرَأَةَ أَخِيهِ مِيرَاثَهَا، وَأَقَرَّ الْأَخُ بِإِرْثِهَا، وَأَقَرَّ أَنَّ هَذَا زَوْجُهَا، وَهَذَا أَخِي ثُمَّ أَقَامَ الْأَخُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّوْجَ كَانَ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا أَخَذْته مِنْ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي فَصْلِ دَعْوَى الْمِلْكِ بِسَبَبٍ مِنْ قَاضِي خَانْ.

اقْتَسَمَا دَارًا فَأَصَابَ أَحَدُهُمْ مِنْ الدَّارِ ثُلُثَهَا وَقِيمَتُهُ بِالنَّصِيبَيْنِ سَوَاءٌ فَاسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْهَا اُنْتُقِضَتْ الْقِسْمَةُ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَعِنْدَهُمَا لَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ لَكِنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِهِ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْقِسْمَةَ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ، وَالْفَرْقُ لَهُمَا: أَنَّ الْإِفْرَازَ وَالتَّمْيِيزَ لَا يَبْطُلُ بِاسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيمَا وَرَاءَ الْمُسْتَحَقِّ بَيْتٌ مُعَيَّنٌ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا بِخِلَافِ لَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَلَوْ بَاعَ نِصْفَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ النِّصْفُ الْبَاقِي يَرْجِعُ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ نِصْفِ مَا بَاعَ فَيُقَسَّمُ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ نِصْفَيْنِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَيْتٌ بِعَيْنِهِ فَالْقِسْمَةُ جَائِزَةٌ وَلِمَنْ اسْتَحَقَّ مِنْ نَصِيبِهِ بِالْخِيَارِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ: دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَخَذَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ مِنْ مُقَدَّمِهَا، وَأَخَذَ الْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ مِنْ مُؤَخَّرِهَا، وَقِيمَةُ كُلٍّ مِنْ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ سِتُّمِائَةٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الدَّارِ مَشَاعًا فَفِي هَذَا الْوَجْهِ تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ بِالِاتِّفَاقِ.

وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي لَا يُبْطِلُ غَيْرَ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نِصْفَ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا مَقْسُومًا فَيَتَخَيَّرُ فَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ الْقِسْمَةَ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ يَرْجِعُ بِرُبُعِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهُوَ أَنْ يَسْتَحِقَّ نِصْفَ نَصِيبِهِ شَائِعًا فَعِنْدَهُمَا لَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ، وَيُخَيَّرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ انْتَهَى.

اسْتَحَقَّ بَعْضَ نَصِيبِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ بِبَيِّنَةٍ وَقَضَاءٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا الْمُدَّعِي ادَّعَى ظُلْمًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُنْيَةِ.

لِرَجُلَيْنِ مِائَةُ شَاةٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا أَرْبَعِينَ شَاةً قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ وَالْآخَرُ سِتِّينَ قِيمَتُهَا خَمْسُمِائَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ شَاةٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ قِيمَتِهَا عَشَرَةٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ فِي سِتِّينَ يَضْرِبُ ذُو السِّتِّينَ بِخَمْسَةٍ، وَالْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ غَيْرَ خَمْسَةٍ، وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِخِلَافِ الْأَرْضِ وَالدَّارِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ فِي الشِّيَاهِ لَا يُوجِبُ غَبْنًا فِي الْبَاقِي، وَفِي الْعَقَارِ يُوجِبُ غَبْنًا.

اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ أَرْضًا نِصْفَيْنِ، وَبَنَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نَصِيبِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الدَّارُ لَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَلَوْ كَانَتْ دَارَانِ أَوْ أَرْضَانِ أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارًا، فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي دَارِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مُضْطَرٌّ فِي الْقِسْمَةِ بِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ، وَالْغَرُورُ مِنْ الْمُضْطَرِّ لَا يَتَحَقَّقُ، وَفِي الدَّارَيْنِ غَيْرُ مُضْطَرٍّ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ بَلْ لَهُ أَنْ يُقَسِّمَ كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ بِلَا تَفْوِيتِ جِنْسِ مَنْفَعَةٍ، فَكَانَتْ هَذِهِ مُبَادَلَةً مَحْضَةً اخْتِيَارِيَّةً كَالْبَيْعِ، وَقَدْ صَارَ مَغْرُورًا مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ فَرَجَعَ مِنْ

<<  <   >  >>