حِصَّةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ أَجْنَبِيٌّ وَسَلِمَ الْآخَرُ ثُمَّ تَوَى نَصِيبُهُ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَيُشَارِكَ صَاحِبَهُ فِيمَا قَبَضَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ
[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ]
(الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شَرِكَةِ الْعُقُودِ، وَفِيهِ أَحَدُ أَنْوَاعِهَا وَهُوَ شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ) رُكْنُهَا: الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا شَارَكْتُك فِي كَذَا وَكَذَا وَيَقُولَ الْآخَرُ قَبِلْت وَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
مُفَاوَضَةٌ وَعَنَانٌ وَشَرِكَةُ الصَّنَائِعِ وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ فَأَمَّا شَرِكَةُ الْمُفَاوَضَةِ فَهُوَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ فَيَتَسَاوَيَا فِي مَالِهِمَا وَتَصَرُّفِهِمَا وَدَيْنِهِمَا وَالْمُرَادُ بِالْمَالِ مَا يَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ فِيمَا لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ فَهَذِهِ الشَّرِكَةُ جَائِزَةٌ عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَتَجُوزُ بَيْنَ الْحُرَّيْنِ الْكَبِيرَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، أَوْ الذِّمِّيَّيْنِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ مَجُوسِيًّا تَجُوزُ أَيْضًا لَا تَجُوزُ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ وَلَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ لِلتَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فِي الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ وَلَا بَيْنَ الصَّبِيَّيْنِ وَلَا بَيْنَ الْمُكَاتَبَيْنِ، وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا تَصِحُّ الْمُفَاوَضَةُ لِفَقْدِ شَرْطِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ فِي الْعَنَانِ كَانَتْ عَنَانًا فَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا مَالًا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ، أَوْ وُهِبَ لَهُ وَوَصَلَ إلَى يَدِهِ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ وَصَارَتْ عَنَانًا، وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا عَرَضًا فَهُوَ لَهُ وَلَا تَفْسُدُ الْمُفَاوَضَةُ، وَكَذَا الْعَقَارُ وَتَنْعَقِدُ الْمُفَاوَضَةُ عَلَى الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ وَمَا يَشْتَرِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ عَلَى الشَّرِكَةِ إلَّا طَعَامَ أَهْلِهِ وَكِسْوَتَهُمْ، وَكَذَا كِسْوَتُهُ، وَكَذَا الْإِدَامُ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ الْمُشْتَرِي بِالْأَصَالَةِ وَصَاحِبُهُ بِالْكَفَالَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ بِمَا أَدَّى وَمَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الدُّيُونِ بَدَلًا عَمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ فَالْآخَرُ ضَامِنٌ لَهُ مِمَّا يَصِحُّ فِيهِ الِاشْتِرَاكُ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَالِاسْتِئْجَارُ وَمِنْ الْقِسْمِ الْآخَرِ الْجِنَايَةُ وَالنِّكَاحُ وَالْخُلْعُ وَالصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَعَنْ النَّفَقَةِ، وَلَوْ كَفَلَ أَحَدُهُمَا بِمَالٍ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَمْرِهِ لَزِمَ صَاحِبَهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَلْزَمُهُ كَالْإِقْرَاضِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ فِي الْإِقْرَاضِ، وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يُلْزِمْهُ صَاحِبَهُ فِي الصَّحِيحِ وَضَمَانُ الْغَصْبِ وَالِاسْتِهْلَاكِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ بِأَمْرِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْهِدَايَةِ
وَفِي دُرَرِ الْبِحَارِ لَوْ غَصَبَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ شَيْئًا فَهَلَكَ، أَوْ غَابَ حَتَّى ضَمِنَ لَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يُؤْخَذُ بِهِ شَرِيكُهُ أَيْضًا انْتَهَى
وَلَوْ أَقَرَّ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ بِدَيْنٍ لِأَبِيهِ، أَوْ لِمَنْ بِمَعْنَاهُ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ بِوِلَادٍ، أَوْ زَوْجِيَّةٍ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ فِي حَقِّ شَرِيكِهِ حَتَّى لَا يُؤْخَذَ بِهِ شَرِيكُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ، وَفِي حَقِّهِ، وَفِي حَقِّ شَرِيكِهِ مَا خَلَا عَبْدَهُ وَمُكَاتَبَهُ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَظْهَرُ، مِنْ الْحَقَائِقِ وَإِقْرَارُهُ لِمُعْتَدَّتِهِ الْمُبَانَةُ بِدَيْنٍ بَاطِلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ وَأَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ يَلْزَمُهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّتِهِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِمُعْتَقَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ لِمُطَلَّقَتِهِ، مِنْ الْوَجِيزِ
لَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ جَارِيَةً لِنَفْسِهِ لِيَطَأَهَا بِأَمْرِ شَرِيكِهِ فَهِيَ لَهُ خَاصَّةً اسْتِحْسَانًا وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُطَالِبَ بِالثَّمَنِ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمُفَاوَضَةِ لَا يَضْمَنُ نِصْفَ الثَّمَنِ لِلْآخَرِ بَلْ هِيَ لَهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا فِي شِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute