إلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَجَدَهَا فِيهِ ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ، وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ مَا إذَا تَحَوَّلَ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَيْهِ وَبَيْنَ مَا إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ أَنْ يَتَحَوَّلَ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: إنَّمَا يَبْرَأُ إذَا أَعَادَهَا قَبْلَ التَّحْوِيلِ فَإِذَا أَعَادَهَا بَعْدَمَا تَحَوَّلَ يَكُونُ ضَامِنًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْمُخْتَصَرِ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا مَشَى خُطْوَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ ثُمَّ أَعَادَهَا إلَى مَكَانِهَا بَرِئَ انْبَنَى هَذَا إذَا أَخَذَ اللُّقَطَةَ لِيُعَرِّفَهَا فَإِنْ كَانَ أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا لَمْ يَبْرَأْ عَنْ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَدْفَعْهَا إلَى صَاحِبِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَهَا لِيَأْكُلَهَا يَصِيرُ غَاصِبًا وَالْغَاصِبُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ زُفَرَ يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَهُوَ كَمَا قَالُوا لَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا ثُمَّ نَزَلَ عَنْهَا وَتَرَكَهَا فِي مَكَانِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَكُونُ ضَامِنًا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَا لَوْ نَزَعَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى أُصْبُعِهِ بَعْدَمَا انْتَبَهَ ثُمَّ نَامَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي فَصْلِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِتَمَامِهَا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَهَذَا إذَا لَبِسَ كَمَا يَلْبَسُ الثَّوْبَ عَادَةً، فَأَمَّا إذَا كَانَ قَمِيصًا فَوَضَعَهُ عَلَى عَاتِقِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا؛ لِأَنَّهُ حِفْظٌ وَلَيْسَ بِاسْتِعْمَالٍ، وَكَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْخَاتَمِ فِيمَا إذَا لَبِسَهُ فِي الْخِنْصَرِ وَيَسْتَوِي فِيهَا الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى أَمَّا إذَا لَبِسَهُ فِي أُصْبُعٍ أُخْرَى ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ، وَإِنْ لَبِسَهُ فِي خِنْصَرِهِ عَلَى خَاتَمٍ فَإِنْ كَانَ الرَّجُل مَعْرُوفًا بِكَوْنِهِ يَتَخَتَّمُ بِخَاتَمَيْنِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ إذَا أَعَادَهُ إلَى مَكَانَهُ قَبْلَ التَّحَوُّلِ.
وَكَذَا إذَا تَقَلَّدَ بِالسَّيْفِ ثُمَّ نَزَعَهُ وَأَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا فِي قَوْلِهِمْ، هَذِهِ الْجُمْلَةُ مِنْ قَاضِي خَانْ سِوَى الْمَنْقُولِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ، قُلْت: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ يُقَالُ لَهَا اخْتِلَافُ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ، قَالَ فِي الصُّغْرَى وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ بِأَجْنَاسِهَا فِي غَصْبِ الْمُنْتَقَى وَآخِرِ شَرْحِ لُقَطَةِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ وَخُوَاهَرْ زَادَهْ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْمَالِكُ يَرْفَعُ الْمُلْتَقِطُ الْأَمْرَ إلَى الْإِمَامِ ثُمَّ الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَبِلَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْبَلْ فَإِذَا قَبِلَ إنْ شَاءَ عَجَّلَ صَدَقَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَقْرَضَهَا مِنْ رَجُل مَلِيءٍ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَهَا مُضَارَبَةً، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا عَلَى الْمُلْتَقِطِ ثُمَّ هُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ يَتَصَرَّفُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الثَّوَابُ لِصَاحِبِهَا، وَإِنْ شَاءَ بَاعَهَا إنْ لَمْ تَكُنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَأَمْسَكَ ثَمَنَهَا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ حَضَرَ مَالِكُهَا لَيْسَ لَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ بِأَمْرِ الْقَاضِي وَهِيَ قَائِمَةٌ فَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ أَبْطَلَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ مَالِهِ، وَإِنْ هَلَكَ إنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ الْبَائِعُ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَنْفُذُ الْبَيْعُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَبِهِ أَخَذَ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ انْتَهَى.
لَوْ وَجَدَ شَيْئًا عَلَى الْأَرْضِ فَلَمْ يَأْخُذْهُ حَتَّى ضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ، وَكَذَا لَوْ قَلَبَهُ بِرِجْلِهِ لِيَنْظُرَ مَا هُوَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَضْمَنْ، مِنْ الْحَدَّادِيِّ.
إذَا اخْتَلَطَ بِحَمَامِهِ حَمَامٌ أَهْلِيٌّ لِغَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ يَأْخُذُهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ يَطْلُبُ صَاحِبَهُ وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ وَفَرَّخَ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ غَرِيبَةً لَا يَتَعَرَّضُ لِفَرْخِهِ فَإِنَّهُ مِلْكُ الْغَيْرِ، وَإِنْ كَانَتْ لِصَاحِبِ الْبُرْجِ وَالْغَرِيبُ ذَكَرٌ فَإِنَّ الْفَرْخَ يَكُونُ لَهُ، وَكَذَا الْبِيضُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَاللَّقِيطُ كَاللُّقَطَةِ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute