للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ ادَّعَى دَارًا فَصُولِحَ عَلَى قِطْعَةٍ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ، وَالْوَجْهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَزِيدَ دِرْهَمًا فِي بَدَلِ الصُّلْحِ فَيَصِيرَ ذَلِكَ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ فِيمَا بَقِيَ وَيَلْحَقَ بِهِ ذِكْرُ الْبَرَاءَةِ عَنْ دَعْوَى الْبَاقِي مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ ادَّعَى شَاةً فَصُولِحَ عَلَى صُوفِهَا بِجَزِّهِ فِي الْحَالِ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمَنَعَهُ مُحَمَّدٌ وَالْمَنْعُ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ الْمَجْمَعِ.

وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جِنَايَةِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي النَّفْسِ، وَمَا دُونَهَا، وَلَا تَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ أَمَّا إذَا صَالَحَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ جَازَ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ كَيْ لَا يَكُونَ افْتِرَاقًا عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي بِأَحَدِ مَقَادِيرِهَا فَصَالَحَ عَنْ جِنْسٍ آخَرَ مِنْهَا بِالزِّيَادَةِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ الْحَقُّ بِالْقَضَاءِ، فَكَانَ مُبَادَلَةً بِخِلَافِ الصُّلْحِ ابْتِدَاءً، وَتَصِحُّ الزِّيَادَةُ عَلَى قَدْرِ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ مِنْ الْهِدَايَةِ وَبَدَلُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَالْإِسْلَامِ هَذِهِ فِي الْجِزْيَةِ مِنْهَا.

وَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَنْ حَقِّ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ بِالصُّلْحِ عَنْهُ، وَالْكَفَالَةُ بِالْمَالِ بِمَنْزِلَةِ حَقِّ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَجِبَ الْمَالُ بِالصُّلْحِ عَنْهَا غَيْرَ أَنَّ فِي إبْطَالِ الْكَفَالَةِ رِوَايَتَيْنِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ، وَلَا يَجُوزُ عَنْ دَعْوَى حَدٍّ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ لَا حَقُّهُ، وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ حَقِّ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ حَقَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْوَلَدِ لَا حَقُّهَا، وَكَذَا لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَمَّا أَشْرَعَهُ إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالَحَ أَحَدٌ عَلَى الِانْفِرَادِ قَالَ: وَيَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ الْجَوَابِ حَدُّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ الشَّرْعِ.

وَإِذَا ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَهِيَ تَجْحَدُ فَصَالَحَتْهُ عَلَى مَالِ بَذَلَتْهُ حَتَّى يَتْرُكَ الدَّعْوَى جَازَ وَكَانَ فِي مَعْنَى الْخُلْعِ حَتَّى لَا يَصِحَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - إذَا كَانَ مُبْطِلًا فِي دَعْوَاهُ، وَإِذَا ادَّعَتْ امْرَأَةٌ نِكَاحًا عَلَى رَجُلٍ فَصَالَحَهَا عَلَى مَالٍ بَذَلَهُ لَهَا جَازَ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا قَالَ: لَمْ يَجُزْ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنْ يُجْعَلَ زِيَادَةً فِي مَهْرِهَا وَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ بَذَلَ الْمَالَ لَهَا لِتَرْكِ الدَّعْوَى؛ فَإِنَّ جَعْلَ تَرْكِ الدَّعْوَى فِيهَا فُرْقَةٌ فَالزَّوْجُ لَا يُعْطِي الْعِوَضَ فِي الْفُرْقَةِ، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ فَالْحَالُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الدَّعْوَى، فَلَا شَيْءَ يُقَابِلُهُ الْعِوَضُ فَلَمْ يَصِحَّ مِنْ الْهِدَايَةِ.

وَلَوْ صَالَحَهَا عَلَى مَالٍ لِتُقِرَّ لَهُ بِالنِّكَاحِ جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْمُخْتَارِ.

وَفِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْبُيُوعِ: لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْحُقُوقِ الْمُجَرَّدَةِ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ فَلَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالٍ بَطَلَتْ فَيَرْجِعُ بِهِ، وَلَوْ صَالَحَ الْمُخَيَّرَةَ بِمَالٍ لِتَخْتَارَهُ بَطَلَ، وَلَا شَيْءَ لَهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الشُّفْعَةِ، وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْوَظَائِفِ بِالْأَوْقَافِ، وَخَرَجَ عَنْهَا حَقُّ الْقِصَاصِ، وَمِلْكُ النِّكَاحِ وَحَقُّ الرِّقِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا اهـ.

ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ أَعْطَاهُ جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْمُدَّعِي بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ عَلَى مَالٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي حَقِّهِ لِزَعْمِهِ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ عَلَى حَيَوَانٍ فِي الذِّمَّةِ إلَى أَجَلٍ، وَفِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَكُونُ لِدَفْعِ الْخُصُومَةِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ الْأَصْلِ فَجَازَ إلَّا أَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ لِإِنْكَارِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ فَتُقْبَلَ وَيَثْبُتَ الْوَلَاءُ مِنْ الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَقَامَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَامَ كَذَا تُقْبَلُ وَيَرْجِعُ بِالْمَالِ وَإِقْدَامُهُ عَلَى الصُّلْحِ لَا يَكُونُ تَنَاقُضًا ذَكَرَهُ فِي الْعِمَادِيَّةِ.

وَإِذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ رَجُلًا عَمْدًا لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ لَهُ رَجُلًا عَمْدًا فَصَالَحَ عَنْهُ جَازَ مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ صَالَحَ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ عَلَى هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ فَظَهَرَ أَحَدُهُمَا حُرًّا فَلَهُ الْعَبْدُ

<<  <   >  >>