لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَهُ الْعَبْدُ، وَقِيمَةُ الْعَبْدِ.
لَوْ صَالَحَ الْمَشْجُوجُ رَأْسُهُ عَنْ الشَّجَّةِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ سَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ بَطَلَ الصُّلْحُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَعِنْدَهُمَا الصُّلْحُ مَاضٍ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ: فِي الْحَقَائِقِ وَإِنَّمَا وَضَعَ فِي السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَرِئَ بِحَيْثُ بَقِيَ لَهُ أَثَرٌ فَالصُّلْحُ مَاضٍ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ بَطَلَ الصُّلْحُ إجْمَاعًا اهـ.
وَلَوْ غَصَبَ عَيْنًا ذَاتَ قِيمَةٍ كَثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَثَلًا قِيمَتُهُ دُونَ الْمِائَةِ فَاسْتَهْلَكَهُ فَصَالَحَهُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَبْطُلُ الْفَضْلُ عَلَى قِيمَتِهِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ كَمَا لَا يَبْطُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ، وَلَوْ صَالَحَ عَلَى عَرَضٍ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا مِنْ الْهِدَايَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ مِثْلِيًّا فَهَلَكَ فَصَالَحَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ مُوسِرٌ فَصَالَحَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا مِنْ الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ أَسْلَمَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فِي كَرِّ حِنْطَةٍ ثُمَّ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَزِيدَ الْمُسْلِمَ إلَيْهِ نِصْفَ كَرٍّ إلَيَّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ لَمْ تَصِحَّ الزِّيَادَةُ إجْمَاعًا، وَعَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ عَلَى رَبِّ السَّلَمِ وَعَلَيْهِ كَرٌّ تَامٌّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: لَا يَرُدُّ شَيْئًا مِنْ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَزِيدَ رَبُّ السَّلَمِ عَلَى عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي رَأْسِ الْمَالِ جَازَ ذَكَرَهُ فِي الْحَقَائِقِ وَلَوْ وَجَدَ بِطَعَامٍ اشْتَرَاهُ عَيْبًا فَصَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ طَعَامًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَعِيبِ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ نَقَدَ صَحَّ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ قَيَّدَ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمَعِيبِ؛ إذْ لَوْ كَانَ الزَّائِدُ مِنْ جِنْسِهِ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِالْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَوْ لَمْ تَكُنْ مُؤَجَّلَةً يَصِيرُ بَيْعًا حَالًّا، وَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَفِيهِ لَوْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ عَلَى دَرَاهِمَ ثُمَّ زَالَ الْعَيْبُ بَطَلَ الصُّلْحُ وَرَدَّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ قَدْ زَالَتْ، وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَنْ مَالٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمَالُ اهـ.
الْأَجِيرُ الْخَاصُّ كَالرَّاعِي مَثَلًا لَوْ ادَّعَى هَلَاكَ شَاةٍ وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ جَازَ الصُّلْحُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَقَالَا: لَا يَجُوزُ، وَكَذَا الْمُودَعُ لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْهَلَاكَ، وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالِ جَازَ عِنْدَهُمَا وَقَالَا: لَا يَجُوزُ مِنْ الْمَجْمَعِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَوْ ادَّعَى الِاسْتِهْلَاكَ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَصَالَحَهُ جَازَ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا ثُمَّ قَالَ: هَذَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْمُودَعُ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ ثُمَّ صَالَحَهُ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا وَقَالَ: فِي الْحَقَائِقِ قَيَّدَ بِالْأَجِيرِ الْخَاصِّ؛ إذْ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ أَبُو يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ اهـ.
وَلَوْ قَالَ الْمُودَعُ بَعْدَ الصُّلْحِ: قَدْ كُنْت عِنْدَ الصُّلْحِ رَدَدْتهَا إلَيْك، وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ عِنْدَ الصُّلْحِ لَا يُلْتَفَتُ إلَى هَذَا الْقَوْلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُسْمَعُ ذَلِكَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَوْ أَقَامَهَا بَرِئَ مِنْ الصُّلْحِ، وَلَوْ لَمْ يُقِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُ الطَّالِبِ مِنْ الْفُصُولَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ، الْوَدِيعَةُ غَيْرُ حَاضِرَةٍ فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ جَازَ، وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ جَاحِدًا لِلْوَدِيعَةِ جَازَ الصُّلْحُ وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْمُضَارَبَةُ وَالْبِضَاعَةُ، وَكُلُّ شَيْءٍ هُوَ أَمِينٌ فِيهِ مِنْ الْوَجِيزِ.
قَوْمٌ دَخَلُوا عَلَى رَجُلٍ لَيْلًا وَشَهَرُوا عَلَيْهِ سِلَاحًا وَهَدَّدُوهُ حَتَّى صَالَحَ رَجُلًا عَنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ فَفَعَلَ قَالُوا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ عِنْدَهُ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ السُّلْطَانِ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ يَتَحَقَّقُ الْإِكْرَاهُ مِنْ كُلِّ مُتَغَلِّبٍ يَقْدِرُ عَلَى