ضَمِنَ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ تَرَكَ السَّقْيَ وَلَوْلَا قِيمَةٌ لِلزَّرْعِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَزْرُوعَةً وَغَيْرَ مَزْرُوعَةٍ فَيَضْمَنُ نِصْفَ فَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ مَنَعَ الْمَاءَ عَنْ أَرْضِ رَجُلٍ حَتَّى هَلَكَ زَرْعُهُ عَطَشًا لَمْ يَضْمَنْ الْمَانِعُ شَيْئًا وَلَوْ أَخَّرَ الْأَكَّارُ سَقْيَهُ تَأْخِيرًا يَفْعَلُهُ النَّاسُ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ تَأْخِيرًا غَيْرَ مُتَعَارَفٍ ضَمِنَهُ.
وَلَوْ تَرَكَ الزَّرْعَ حَتَّى أَصَابَتْهُ آفَةٌ مِنْ أَكْلِ الدَّوَابِّ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ إنْ كَانَ حَاضِرًا، وَأَمْكَنَهُ دَفْعُهُ، وَلَمْ يَدْفَعْ، وَلَا يَضْمَنُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُهُ وَلَوْ أَكَلَهُ الْجَرَادُ ضَمِنَ لَوْ أَمْكَنَهُ طَرْدُهُ، وَإِلَّا فَلَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَرَكَ الْحِفْظَ مَعَ إمْكَانِهِ ضَمِنَ لَا بِدُونِهِ.
تَرَكَ شَدَّ شَجَرَةٍ يَضُرُّهَا الْبَرْدُ كَشَجَرَةِ التِّينِ وَالْكَرْمِ أَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى أَصَابَهَا الْبَرْدُ ضَمِنَ لَوْ قَالَ لِلْأَكَّارِ أَخْرِجْ الْبُرَّ إلَى الصَّحْرَاءِ لِأَنَّهُ رَطْبٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ ضَمِنَ.
الْأَكَّارُ لَوْ تَرَكَ الْكَرْمَ، وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا يَحْفَظُهُ فَدَخَلَ الْمَاءُ، وَسَقَطَ حَائِطُهُ، وَهَلَكَ الزَّرَاجِينُ ضَمِنَ قِيمَةَ الزَّرَاجِينِ لَا الْحَائِطَ إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُ الزَّرَاجِينِ لَا الْحِيطَانِ وَلَوْ عَلَى الزَّرَاجِينِ عِنَبٌ لَا يَضْمَنُ إذْ حِفْظُهُ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ مَا كَانَ بَعْدَ بُلُوغِ الثِّمَارِ وَالزَّرْعِ يَكُونُ عَلَيْهِمَا، وَلَكِنْ يَجِبُ نُقْصَانُ الْكَرْمِ إذْ حِفْظُ الْكَرْمِ يَلْزَمُهُ فَيَقُومُ الْكَرْمُ مَعَ الْعِنَبِ، وَبِدُونِهِ فَيَرْجِعُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا.
لَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ لِلْأَكَّارِ بروآب بيار، وَزُمَيْن رااب ده، وَأَكَرَ رَبُّ الْأَرْضِ آبَ آدرد، وَأَمَرَهُ بِالسَّقْيِ فَأَبَى ضَمِنَ بِالْإِجْمَاعِ.
وَفِي فَوَائِدِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ الْأَكَّارُ لَوْ لَمْ يَسْقِ الزَّرْعَ حَتَّى فَسَدَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ، وَمَا كَانَ بَعْدَ بُلُوغِ الزَّرْعِ، وَنِهَايَتِهِ، وَجَفَافِهِ فَهُوَ عَلَيْهِمَا حَتَّى يُقَسِّمَهَا، وَمَا كَانَ قَبْلَ بُلُوغِهِ مِمَّا يَصْلُحُ بِهِ الزَّرْعُ فَهُوَ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ بَعَثَ الْأَكَّارُ مَا فِي يَدِهِ مِنْ بَقَرِ الْمَالِكِ إلَى السَّرْحِ لَا يَضْمَنُ هُوَ، وَلَا الرَّاعِي.
لَوْ قَالَ رَبُّ الْوَضِيعَةِ لِأَكَّارِهِ أَخْرِجْ هَذَا الْبُرَّ إلَى الصَّحْرَاءِ أَوْ هَذَا الْجَوْزَ أَوْ هَذَا الجوزق فَإِنَّهُ رَطْبٌ فَأَخَّرَ فَفَسَدَ لَوْ قَبِلَ الْأَكَّارُ مِنْ رَبِّ الضَّيْعَةِ ثُمَّ لَمْ يَفْعَلْ ضَمِنَ قِيمَةَ الْجَوْزِ وَالْبُرِّ، وَالْفَاسِدُ لَهُ قَالَ الْفَقِيهُ يَعْنِي إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ الرَّطْبِ مِثْلًا ضَمِنَ الْقِيمَةَ.
لَوْ زَرَعَ الْمُزَارِعُ خِلَافَ مَا أُمِرَ بِهِ يَصِيرُ مُخَالِفًا أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْأَرْضِ أَمْ لَمْ يَضُرَّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ الْجُمْلَةُ مِنْ الْفُصُولَيْنِ وَاحِدٌ هَذِهِ فِي الْإِجَارَاتِ مِنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
لَهَا حِنْطَةٌ رَبِيعِيَّةٌ فِي خَابِيَةٍ، وَخَرِيفِيَّةٌ فِي أُخْرَى فَأَمَرَتْ أُخْتَهَا أَنْ تَدْفَعَ إلَى حَرَّاثِهَا الْخَرِيفِيَّةَ فَأَخْطَأْت فَدَفَعَتْ الرَّبِيعِيَّةَ ثُمَّ أَرْسَلَتْ الْمَرْأَةُ بِنْتَهَا مَعَ الْحَرَّاثِ لِتَنْقُلَ إلَيْهِ الْحِنْطَةَ لِلْبَذْرِ فَفَعَلَتْ، وَبَذَرَهَا فَلَمْ تَنْبُتْ ثُمَّ تَبَيَّنَ إنَّهَا رَبِيعِيَّةٌ تُضَمِّنُ أَيَّ الثَّلَاثَةِ شَاءَتْ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْطَأَتْ الْأُخْتُ صَارَتْ غَاصِبَةً، وَالْبِنْتُ، وَالْحَرَّاثُ غَاصِبَ الْغَاصِبِ، وَهَذَا دَقِيقٌ حَسَنٌ يَخْرُجُ مِنْهُ كَثِيرٌ مِنْ الْوَاقِعَاتِ هَذِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
غَصَبَ أَرْضًا، وَدَفَعَهَا إلَى آخَرَ مُزَارَعَةً بِالنِّصْفِ سَنَةً عَلَى أَنَّ الْبَذْرَ مِنْ الْمُزَارِعِ فَزَرَعَهَا، وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ عَلَى مَا شَرَطَهُ عَلَيْهِ الْغَاصِبُ، وَالْغَاصِبُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى قَبْضَ حِصَّةِ رَبِّ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ فَمَا نَقَصَتْ الْأَرْضُ مِنْ الزَّرْعِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُزَارِعِ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَهَا قَبْلَ أَنْ يُجِيزَ ذَلِكَ رَبُّ الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْمُزَارِعُ ذَلِكَ النُّقْصَانَ لِرَبِّ الْأَرْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَلَوْ نَبَتَ الزَّرْعُ فَصَارَتْ لَهُ قِيمَةٌ ثُمَّ أَجَازَ رَبُّ الْأَرْضِ الْمُزَارَعَةَ فَمَا يَحْدُثُ فِيهِ مِنْ الْحَبِّ، وَجَمِيعِ ذَلِكَ لِلْغَاصِبِ