وَلَوْ غَصَبَ عَبْدَ مَحْجُورٍ مِثْلَهُ فَمَاتَ مَعَهُ ضَمِنَهُ؛ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ مُؤَاخَذٌ بِأَفْعَالِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَصْبُ ظَاهِرًا يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بَلْ أَقَرَّ بِهِ لَا يُؤَاخَذُ فِي الْحَالِ بَلْ يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ هَذِهِ فِي الْجِنَايَةِ مِنْ الْهِدَايَةِ.
لَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِ غَيْرِهِ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبٍ فَأَلْقَتْهُ فِي حِجْرِ إنْسَانٍ لَا يَصِيرُ غَاصِبًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَوْ يُمْسِكْهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَجِيزِ.
نَامَ عَلَى فِرَاشِ إنْسَانٍ أَوْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطِهِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِأَنَّ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ غَصْبُ الْمَنْقُولِ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يَهْلِكْ بِفِعْلِهِ.
وَكَذَلِكَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ إنْسَانٍ لِيَزْرَعَ فِيهَا حِنْطَةً فَزَرَعَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَرْضَ حِنْطَةً وَحَصَدَهَا وَدَاسَهَا فَمَنَعَهُ الْآجِرُ أَنْ يَرْفَعَهَا حَتَّى يُعْطِيَهُ الْأَجْرَ فَهَلَكَتْ الْحِنْطَةُ فِي مَوْضِعِهَا لَا يَضْمَنُ الْآجِرُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَكَانِهَا.
وَذَكَرَ النَّاطِفِيُّ رَجُلٌ رَكِبَ دَابَّةَ رَجُلٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ثُمَّ نَزَلَ فَمَاتَتْ يَضْمَنُ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ قَالَ النَّاطِفِيُّ: الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يُحَوِّلَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا.
رَجُلٌ قَعَدَ عَلَى ظَهْرِ دَابَّةٍ لِرَجُلٍ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا، وَلَمْ يُحَوِّلْهَا عَنْ مَوْضِعِهَا حَتَّى جَاءَ آخَرُ وَعَقَرَ الدَّابَّةَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي عَقَرَ دُونَ الَّذِي رَكِبَ، وَلَمْ تَهْلِكْ مِنْ رُكُوبِهِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رَكِبَ الدَّابَّةَ جَحَدَهَا، وَمَنَعَهَا عَنْ صَاحِبِهَا قَبْلَ أَنْ تُعْقَرَ، وَلَمْ يُحَرِّكْهَا فَجَاءَ رَجُلٌ، وَعَقَرَهَا فَلِصَاحِبِهَا أَنْ يُضَمِّنَ أَيَّهمَا شَاءَ، وَكَذَا إذَا دَخَلَ الرَّجُلُ دَارَ إنْسَانٍ، وَأَخَذَ مَتَاعًا، وَجَحَدَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُحَوِّلْهُ، وَلَمْ يَجْحَدْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَهْلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ يُخْرِجَهُ مِنْ الدَّارِ.
رَجُلٌ أَصَابَ فِي زَرْعِهِ ثَوْرَيْنِ فَسَاقَهُمَا إلَى مَرْبِطِهِ، وَظَنَّ أَنَّهُمَا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَإِذَا هُمَا لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَرَادَ أَنْ يَرْبِطَهُمَا فَدَخَلَ أَحَدُهُمَا الْمَرْبِطَ فَهَرَبَ الْآخَرُ فَتَبِعَهُ، وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَنْ يُشْهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ أَخَذَهُمَا لِيَرُدَّهُمَا عَلَى صَاحِبِهِمَا لَا يَضْمَنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ عِنْدَ الْأَخْذِ أَنْ يَمْنَعَهُمَا مِنْ صَاحِبِهِمَا فَيَضْمَنُ هَذَا إذَا كَانَ فِي اللَّيْلِ فَإِذَا كَانَ فِي النَّهَارِ، وَكَانَ الثَّوْرُ لِغَيْرِ أَهْلِ قَرْيَتِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ اللُّقَطَةِ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنَّهُ أَخَذَهُ لِيَرُدَّهُ عَلَى صَاحِبِهِ ضَمِنَ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ كَانَ عُذْرًا، وَإِنْ كَانَ الثَّوْرُ لِأَهْلِ قَرْيَتِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ زَرْعِهِ، وَسَاقَهُ ضَمِنَ لِأَنَّ مَا يَكُونُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقْطَةِ فِي النَّهَارِ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ حُكْمُ اللُّقَطَةِ فِي اللَّيْلِ أَمَّا فِي النَّهَارِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَيَضْمَنُ أَشْهَدَ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَ: وَمِقْدَارُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ، وَإِنْ سَاقَهُ، وَرَاءَ ذَلِكَ بِنَفْسِ السَّرْحِ يَصِيرُ غَاصِبًا، وَيَصِيرُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إلَّا إذَا سَاقَهُ إلَى مَوْضِعٍ يَأْمَنُ مِنْهُ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: يَضْمَنُ، وَبِهِ يُفْتَى.
وَكَذَا لَوْ حَبَسَ دَابَّةً، وَجَدَهَا فِي كَرْمِهِ قَدْ أَفْسَدَتْ كَرْمَهُ فَهَلَكَتْ ضَمِنَ. وَكَذَا لَوْ أَخْرَجَهَا عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ ضَمِنَ انْتَهَى.
وَفِي مُشْتَمِلِ الْهِدَايَةِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ لَوْ أَخْرَجَ دَابَّةَ الْغَيْرِ عَنْ زَرْعِ الْغَيْرِ لَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُسْقِهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ يَضْمَنُ.
رَجُلٌ رَفَعَ قَلَنْسُوَةً مِنْ رَأْسِ رَجُلٍ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ رَجُلٍ آخَرَ فَطَرَحَهَا الرَّجُلُ مِنْ رَأْسِهِ فَضَاعَتْ قَالُوا إنْ كَانَتْ الْقَلَنْسُوَةُ بِمَرْأَى الْعَيْنِ مِنْ صَاحِبِهَا، وَأَمْكَنَهُ رَفْعُهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لَا يَضْمَنُ الطَّارِحُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ