وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرِّ، وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ قَبْلَ بَابِ الْقِسْمَةِ انْتَهَى، وَفِيهِ مِنْ أَحْكَامِ الصِّبْيَانِ وَقَدْ سُئِلْت عَمَّنْ أَخَذَ ابْنَ إنْسَانٍ صَغِيرًا، وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْبَلَدِ هَلْ يَلْزَمُهُ إحْضَارُهُ إلَى أَبِيهِ؟ فَأَجَبْت بِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ غَصَبَ صَبِيًّا حُرًّا فَغَابَ الصَّبِيُّ عَنْ يَدِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يُحْبَسُ حَتَّى يَجِيءَ بِهِ أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مَاتَ انْتَهَى.
لَوْ بَعَثَ صَغِيرًا إلَى حَاجَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِهِ فَارْتَقَى فَوْقَ بَيْتٍ مَعَ الصِّبْيَانِ، وَوَقَعَ، وَمَاتَ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ صَبِيًّا بَيْتَهُ فَسَقَطَ عَنْ الْبَيْتِ ضَمِنَ مِنْ الْفُصُولَيْنِ.
وَلَوْ غَصَبَ الْمُسْلِمُ خَمْرَ الذِّمِّيِّ أَوْ خِنْزِيرَهُ وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا لَا يَرَى ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ مِنْ السِّيَرِ.
وَكَذَا إذَا كَانَ يُظْهِرُ بَيْعَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا ضَمَانَ فِي إرَاقَتِهَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ أَحْكَامِ الذِّمِّيِّ.
وَلَوْ أَتْلَفَ مَيْتَةَ الذِّمِّيِّ لَا يَضْمَنُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَلَوْ أَتْلَفَهَا الْمُسْلِمُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ غَصَبَ الذِّمِّيُّ خِنْزِيرَ الذِّمِّيِّ، وَأَتْلَفَهَا ضَمِنَ مِثْلَهَا فَإِنْ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَ الضَّمَانُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ أَسْلَمَ الْغَاصِبُ يُنْتَقَلُ إلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ يَبْطُلُ مِنْ الْوَجِيزِ.
وَفِي الْمَجْمَعِ لَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ بَعْدَ إتْلَافِهَا يُبْرِيهِ أَبُو يُوسُفَ وَأَوْجَبَ مُحَمَّدٌ الْقِيمَةَ، وَالْقَوْلَانِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ اهـ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ فَالِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ.
وَلَوْ غَصَبَ مِنْ مُسْلِمٍ خَمْرًا فَخَلَّلَهَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا كَمَا إذَا أَلْقَى حَنْظَلَةً أَوْ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ الْمِلْحِ بِحَيْثُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا إذَا شَمَّسَهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْإِصْلَاحِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا الْغَاصِبُ بَعْدَ التَّخْلِيلِ ضَمِنَهَا وَإِنْ خَلَّلَهَا بِذِي قِيمَةٍ كَالْمِلْحِ الْكَثِيرِ، وَالْخَلِّ مَلَكَهَا الْغَاصِبُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا أَخَذَهَا الْمَالِكُ، وَأَعْطَى مَا زَادَ الْمِلْحُ فِيهِ إنْ كَانَ التَّخْلِيلُ بِالْمِلْحِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَمَعْنَاهُ هُنَا أَنْ يُعْطِيَهُ مِثْلَ وَزْنِ الْمِلْحِ مِنْ الْخَلِّ، وَإِنْ أَرَادَ الْمَالِكُ تَرْكَهُ وَتَضْمِينَهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ.
وَفِي رِوَايَةٍ لَا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ، وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِذَا كَانَ بِالْخَلِّ فَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ صَارَ خَلًّا مِنْ سَاعَتِهِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْغَاصِبِ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ صَارَ خَلًّا بَعْدَ زَمَانٍ بِأَنْ كَانَ الْمُلْقَى فِيهِ خَلًّا قَلِيلًا فَهِيَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ كَيْلِهِمَا، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ: وَبِهِ نَأْخُذُ ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْإِصْلَاحِ.
وَفِي الْوَجِيزِ قِيلَ: يَشْتَرِكَانِ فِيهِمَا بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ أَهْلَكَ مِلْكَ نَفْسِهِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَضْمَنُ بِالِاسْتِهْلَاكِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَيَضْمَنُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي، وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ: لِلْمَالِكِ أَنْ يَأْخُذَ الْخَلَّ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَقَدْ كَثُرَتْ فِيهِ أَقْوَالُ الْمَشَايِخِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
أَرَادَ إنْسَانٌ صَبَّ خَمْرِ نَفْسِهِ فَأَخَذَهَا آخَرُ فَتَخَلَّلَتْ عِنْدَهُ فَالْخَلُّ لِلْآخِذِ كَمَا فِي قَاضِي خَانْ وَالْفُصُولَيْنِ.
وَلَوْ غَصَبَ جِلْدَ مَيْتَةٍ مِنْ مُسْلِمٍ فَدَبَغَهُ بِمَا لَا قِيمَةَ لَهُ كَالتُّرَابِ، وَالشَّمْسِ أَخَذَهُ الْمَالِكُ بِلَا شَيْءٍ، وَلَوْ أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ مَدْبُوغًا اتِّفَاقًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَقِيلَ: يَضْمَنُ قِيمَتَهُ طَاهِرًا غَيْرَ مَدْبُوغٍ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ هَلَكَ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ