الْغَاصِبَ اسْتَأْجَرَ الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَالِكِ يَبْنِي لَهُ حَائِطًا مَعْلُومًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يَأْخُذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ فَإِذَا أَخَذَ فِي عَمَلِ الْحَائِطِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، وَكَذَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ مِنْ الْمَالِكِ لِلْخِدْمَةِ مِنْ قَاضِي خَانْ وَقِيلَ: لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْخِدْمَةِ يَبْرَأُ لِلْحَالِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.
وَفِي الْفُصُولَيْنِ الْمَالِكُ لَوْ أَجَّرَ الْقِنَّ مِنْ الْغَاصِبِ بَرِئَ بِنَفْسِ الْعَقْدِ لَا لَوْ أَعَارَهُ مِنْهُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ اسْتِعْمَالِهِ ضَمِنَ انْتَهَى.
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَوْ اغْتَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ آجَرَهُ إيَّاهَا رَبُّهَا إلَى الْكُوفَةِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ، وَيَبْرَأُ مِنْ الضَّمَانِ انْتَهَى.
غَصَبَ دَابَّةً ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَرْبِطِ الْمَالِكِ لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ وَقَالَ زُفَرُ: يَبْرَأُ.
نَزَعَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْتَبِهَ النَّائِمُ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ انْتَبَهَ النَّائِمُ ثُمَّ نَامَ فَأَعَادَهُ إلَى أُصْبُعِهِ لَا يَبْرَأُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَيَبْرَأُ فِي قَوْلِ زُفَرَ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَخَذَ رَجُلٌ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ أَوْ دَرَاهِمَ مِنْ كِيسِهِ أَوْ خُفًّا مِنْ رِجْلِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ إلَى مَكَانِهِ، وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ لَمْ يُعِدْهُ حَتَّى انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ ثُمَّ نَامَ نَوْمَةً أُخْرَى فَأَعَادَهُ إلَى مَوْضِعِهِ فَإِنْ أَعَادَهُ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ اسْتَحْسَنْت أَنْ لَا أُضَمِّنَهُ، وَإِلَّا ضَمَّنْتُهُ، وَكَذَا لَوْ أَعَادَ الْخَاتَمَ إلَى أُصْبُعٍ أُخْرَى، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَوْلًا لِأَبِي حَنِيفَةَ قَالَ: وَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّحْوِيلِ، وَذَكَرَ فِي جَمِيعِ التَّفَارِيقِ إذَا نَزَعَ مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ خَاتَمًا ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُعْتَبَرُ النَّوْمَةُ الْأُولَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُعْتَبَرُ الْمَجْلِسُ اسْتِحْسَانًا مِنْ قَاضِي خَانْ.
أَخْرَجَ خَاتَمًا مِنْ أُصْبُعِ نَائِمٍ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى كُمِّهِ أَوْ سَبَّابَتِهِ أَوْ غَيْرِهَا غَيْرِ الْأُصْبُعِ الَّتِي كَانَ فِيهَا ضَمِنَ ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ.
لَوْ زَوَّجَ الْمَالِكُ الْأَمَةَ الْمَغْصُوبَةَ مِنْ الْغَاصِبِ لَمْ يَبْرَأْ لِلْحَالِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَهِيَ فَرْعُ مَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمُشْتَرِي أَمَةً اشْتَرَاهَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ بِهِ قَابِضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا، وَكَسَاهُ الْمَالِكَ أَوْ طَعَامًا فَقَدَّمَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمَالِكِ لِيَأْكُلَهُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ بَرِئَ.
وَكَذَا لَوْ لَبِسَ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ عَبْدًا فَاسْتَخْدَمَهُ، وَلَا يَعْلَمُ بِهِ يَبْرَأُ الْغَاصِبُ عَنْ الضَّمَانِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ.
بَقَرَةٌ غَصَبَهَا رَجُلٌ آخَرُ مِنْ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَرَقَهَا الْمَالِكُ مِنْ غَاصِبِ الْغَاصِبِ لِعَجْزِهِ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ مِنْهُ مُجَاهَرَةً بِنَفْسِهِ أَوْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ ثُمَّ إنَّ غَاصِبَ الْغَاصِبِ اسْتَرَدَّهَا بِالسَّلْطَنَةِ، وَعَجَزَ الْمَالِكُ عَنْ مُخَاصَمَتِهِ لَيْسَ لَهُ حَقُّ مُخَاصَمَةِ الْغَاصِبِ الْأَوَّلِ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ أَوْ الْقِيمَةِ.
وَلَوْ أَقَامَ الْغَاصِبُ الْبَيِّنَةَ إنَّهُ رَدَّ الدَّابَّةَ الْمَغْصُوبَةَ عَلَى الْمَالِكِ، وَأَقَامَ الْمَالِكُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا مَاتَتْ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِرُكُوبِهِ فَعَلَى الْغَاصِبِ قِيمَتُهَا مِنْ الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ غَصَبَ حِمَارًا ثُمَّ جَاءَ بِهِ، وَأَدْخَلَهُ فِي إصْطَبْلِ الْمَالِكِ، وَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: نَعَمْ مَا فَعَلْت لَا يَبْرَأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَبْرَأُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ لَا تَلْحَقُ الْأَفْعَالَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَتَلْحَقُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ الْقُنْيَةِ.
غَصَبَ عِنَبًا فَحَلَّلَهُ مَالِكُهُ مِنْ كُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ قِبَلَهُ قَالَ أَئِمَّةُ بَلْخِي: التَّحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى مَا هُوَ وَاجِبٌ فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى عَيْنٍ قَائِمَةٍ هَذِهِ فِي الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ.
أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إبْرَائِهِ عَنْ الْمَغْصُوبِ لَا يَكُونُ إبْرَاءً عَنْ قِيمَةِ الْمَغْصُوبِ، وَإِنَّمَا هُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الضَّمَانِ لِلرَّدِّ لَا عَنْ ضَمَانِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ حَالَ قِيَامِهِ الرَّدُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لَا قِيمَتُهُ فَكَانَ إبْرَاءً عَمَّا لَيْسَ بِوَاجِبٍ هَذِهِ