للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ مِنْ تَرْكِ الْهَدْمِ مَعَ تَمَكُّنِهِ وَقَدْ زَالَ تَمَكُّنُهُ بِالْبَيْعِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ، وَلَوْ أَشْهَدَ بَعْدَ شِرَائِهِ كَانَ ضَامِنًا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَشْرَعَ كَنِيفًا، أَوْ جَنَاحًا، أَوْ مِيزَابًا، أَوْ خَشَبَةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ، أَوْ بَاعَ الْخَشَبَةَ ثُمَّ تَلِفَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ، أَوْ مَالٌ حَيْثُ كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ ثَمَّةَ مُجَرَّدِ إخْرَاجِ الْكَنِيفِ وَوَضْعِ الْحَجَرِ فِي الطَّرِيقِ جِنَايَةٌ فَلَا تَبْطُلُ بِالْبَيْعِ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ، وَلَوْ أَجَّلَهُ صَاحِبُ الدَّارِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سَاكِنُوهَا فَذَلِكَ جَائِزٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ بِالْحَائِطِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا مَالَ إلَى الطَّرِيقِ فَأَجَّلَهُ الْقَاضِي، أَوْ مَنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمَاعَةِ النَّاسِ وَلَيْسَ إلَيْهِمَا إبْطَالُ حَقِّهِمْ فَيَضْمَنُ، وَلَوْ بَنَى الْحَائِطَ مَائِلًا فِي الِابْتِدَاءِ قَالُوا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِسُقُوطِهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ تُعَدُّ ابْتِدَاءً كَمَا إذَا أَشْرَعَ الْجَنَاحَ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ بِشَهَادَةِ رَجُلٍ، أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.

وَلَوْ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ الْمَائِلِ عَاقِلًا فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا، أَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلِحَاقِهِ ثُمَّ عَادَ مُسْلِمًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الدَّارُ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَ هَدَرًا لَمَّا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِصْلَاحِ بَعْدَ الرِّدَّةِ وَالْجُنُونِ فَلَا يَعُودُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ، أَوْ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ، أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْبَائِعِ لَا يُبْطِلُ وِلَايَةَ الْإِصْلَاحِ فَلَا يُبْطِلُ الْإِشْهَادَ، وَلَوْ أَسْقَطَ الْبَائِعُ خِيَارَهُ وَأَوْجَبَ الْبَيْعَ بَطَلَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ الْحَائِطَ عَنْ مِلْكِهِ.

وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ رَهْنًا فَأَشْهَدَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ سَقَطَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَمْلِكُ الْإِصْلَاحَ وَالْمَرَمَّةَ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الرَّاهِنِ حَيْثُ يَضْمَنُ.

وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ مِيرَاثًا لِوَرَثَةٍ فَأَشْهَدَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجِبَ الضَّمَانُ بِسُقُوطِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ لَا يَمْلِكُ نَقْضَ الْحَائِطِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ هَذَا الْوَارِثُ الَّذِي أُشْهِدَ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ نَصِيبِهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إصْلَاحِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ آنِفًا.

وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ الصَّغِيرُ فَأَشْهَدَ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّ؛ لِأَنَّهُمَا يَمْلِكَانِ الْإِصْلَاحَ فَإِنْ سَقَطَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يَقُومَانِ مَقَامَهُ فَكَانَ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِمَا كَالْإِشْهَادِ عَلَى الِابْنِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِمَا بَطَلَ الْإِشْهَادُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا.

رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ جِدَارًا مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا سِوَى هَذِهِ الدَّارِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ وَتَرَكَ ابْنًا لَا وَارِثَ لَهُ سِوَاهُ فَإِنَّ الْإِشْهَادَ يَكُونُ عَلَى الِابْنِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا الِابْنُ فَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَى الِابْنِ فَإِنْ تَلِفَ إنْسَانٌ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ لَا عَلَى عَاقِلَةِ الِابْنِ.

إذَا أُشْهِدَ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ وَقَالُوا لَا نَدْرِي أَنَّ الدَّارَ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ إلَّا أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ:

الْأَوَّلُ: عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي هَدْمِ الْحَائِطِ.

وَالثَّالِثُ: إنَّ الْمَقْتُولَ مَاتَ بِسُقُوطِ الْحَائِطِ

<<  <   >  >>