إذَا وَجَبَ عَلَى رَجُلٍ حَدٌّ وَتَعْزِيرٌ فَجَلَدَهُ الْإِمَامُ، أَوْ عَزَّرَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ إذَا عَزَّرَ زَوْجَتَهُ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ تَعْزِيرُهَا حَيْثُ يَضْمَنُ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَنْزِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِوَصْفِ السَّلَامَةِ وَالْمُبَاحُ يَتَقَيَّدُ بِهَا وَفِعْلُ الْإِمَامِ مِنْ قَبِيلِ الْأَوَّلِ وَفِعْلُ الزَّوْجِ مِنْ قَبِيلِ الثَّانِي وَتَمَامُ الْكَلَامِ فِي فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ فِي التَّعْزِيرِ مِنْ الزَّيْلَعِيِّ وَذَكَرْنَا عَنْ الْأَشْبَاهِ طَرَفًا مِنْهُ فِي الْجِنَايَاتِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَاضٍ رَأَى التَّعْزِيرَ لِرَجُلٍ مِائَةً فَمَاتَ قَالَ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الْأَثَرُ إنَّ أَكْثَرَ مَا عَزَّرُوهُ مِائَةٌ فَإِنْ زَادَ عَلَى مِائَةٍ فَمَاتَ فَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، مِنْ مُشْتَمِلِ الْأَحْكَامِ نَقْلًا عَنْ الْوَجِيزِ.
لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا وَهُوَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَجُلِدَ فَجَرَحَهُ الْجَلْدُ وَمَاتَ ثُمَّ وَجَدَ أَحَدُهُمْ عَبْدًا، أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنْ تُحَدُّ الشُّهُودُ وَقَالَ صَاحِبَاهُ أَرْشُ الْجُرْحِ وَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَعَلَى هَذَا إذَا رَجَعُوا يُحَدُّونَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ عِنْدَهُ، وَقَالَا: يَجِبُ عَلَيْهِمْ الضَّمَانُ فِي الرُّجُوعِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَاضِي خَانْ وَعَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ لَوْ ظَهَرَ أَحَدُهُمْ كَافِرًا ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَلَّادِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا مُحْصَنًا فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا.
شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ وَهَكَذَا كُلَّمَا رَجَعَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانُوا خَمْسَةً فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَإِنْ رَجَعَ آخَرُ حُدَّ وَغَرِمَ رُبُعَ الدِّيَةِ، وَإِذَا شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى الزِّنَا فَزُكُّوا فَرُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا مَجُوسًا، أَوْ عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى الْمُزَكِّي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا: عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، قِيلَ: هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ عَلَى عِلْمِنَا بِحَالِهِمْ، وَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَهَذَا إذَا أَخْبَرُوا بِالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَأَمَّا إذَا قَالُوا هُمْ عُدُولٌ وَظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ فِي بَيْتِ الْمَالِ اتِّفَاقًا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الشُّهُودِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ رَجَعَ الْمُزَكُّونَ عَنْ التَّزْكِيَةِ بَعْدَ الرَّجْمِ عُزِّرُوا وَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمَعِ قَالَ فِي شَرْحِهِ هَذَا إذَا قَالُوا تَعَمَّدْنَا التَّزْكِيَةَ، وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا فِي التَّزْكِيَةِ يَضْمَنُونَ اتِّفَاقًا.
وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى مُحْصَنٍ بِالزِّنَا وَرَجُلَانِ عَلَى الْإِحْصَانِ ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ الْإِحْصَانِ بَعْدَ الرَّجْمِ لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ وَلَا يُحَدُّونَ وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ وَقَالَ زُفَرُ لَا حَدَّ عَلَى أَحَدٍ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ عَلَى رَجُلٍ بِالزِّنَا فَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ ثُمَّ وَجَدَ الشُّهُودَ عَبِيدًا فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَيَجِبُ الْقِصَاصُ، وَلَوْ رُجِمَ ثُمَّ ظَهَرُوا عَبِيدًا فَالدِّيَةُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَمَا لَوْ بَاشَرَ الْإِمَامُ الرَّجْمَ بِنَفْسِهِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ.
رَجُلٌ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ فَأَمَرَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَذَهَبُوا لِيَرْجُمُوهُ فَرَجَعَ عَمَّا أَقَرَّ فَقَتَلَهُ رَجُلٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُبْطِلْ الْقَاضِي عَقْدَ الرَّجْمِ.
وَمَنْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَأَفْضَاهَا وَلَمْ تَسْتَمْسِكْ مَعَهُ الْبَوْلَ حُدَّ وَضَمِنَ الدِّيَةَ، وَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ حُدَّ وَضَمِنَ ثُلُثَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ أَجَافَهَا، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُجَامَعُ مِثْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ الْبَوْلَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ وَالْمَهْرُ كَامِلًا وَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْتَمْسِكُ ضَمِنَ الدِّيَةَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَهْرَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute