الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ هَلَكَ الْكُلُّ جُمْلَةً، أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَا يَدْرِي الَّذِي هَلَكَ أَوَّلًا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي ثُلُثَ ثَمَنِ كُلِّ ثَوْبٍ، وَإِنْ عَرَفَ الْأَوَّلَ لَزِمَهُ ثَمَنُهُ وَالثَّوْبَانِ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ، وَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبَانِ وَبَقِيَ الثَّالِثُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّالِثَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَأَمَّا الثَّوْبَانِ فَيَلْزَمُهُ قِيمَةُ نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ أَيَّهُمَا هَلَكَ، وَإِنْ هَلَكَ وَاحِدٌ وَبَقِيَ اثْنَانِ لَزِمَهُ قِيمَةُ مَا هَلَكَ وَيَرُدُّ الثَّوْبَيْنِ، وَإِنْ احْتَرَقَ الثَّوْبَانِ وَبَعْضُ الثَّالِثِ ثُلُثُهُ، أَوْ رُبُعُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيَّهُمَا احْتَرَقَ أَوَّلًا يَرُدُّ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّالِثِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّوْبَيْنِ وَلَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الثَّالِثِ مِنْ قَاضِي خَانْ.
وَفِيهِ رَجُلٌ يَبِيعُ سِلْعَةً فَقَالَ لِغَيْرِهِ: اُنْظُرْ فِيهَا فَأَخَذَهَا لِيَنْظُرَ فِيهَا فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ قَالَ النَّاظِرُ بَعْدَمَا نَظَرَ: بِكَمْ تَبِيعُ؟ قَالُوا: يَكُونُ ضَامِنًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا إذَا قَالَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ بِكَذَا انْتَهَى.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ عَبْدًا لَهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالشِّرَاءِ، وَإِنْ شَاءَ قَبَضَهُ بِالْإِجَارَةِ كُلَّ سَنَةٍ بِكَذَا فَهَلَكَ عِنْدَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ إنْ هَلَكَ بَعْدَ الِاسْتِعْمَالِ فَهُوَ عَلَى الْإِجَارَةِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ أَرَدْت الْمِلْكَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الْأَجْرِ، أَوْ أَكْثَرَ قَبِلَ قَوْلَهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَجْرُ أَكْثَرَ لَا يُصَدَّقُ، وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الِاسْتِعْمَالِ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى الضَّامِنِ هَذِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّقَةِ مِنْ إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ.
اسْتَبَاعَ قَوْسًا فَقَالَ لَهُ بَائِعِهَا: خُذْهَا فَمُدَّهَا فَمَدَّهَا فَانْكَسَرَتْ يَضْمَنُ، وَكَذَا إذَا قَالَ: مُدَّهَا فَإِنْ انْكَسَرَتْ لَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ أَيْضًا، قَالَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ: هَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ كَمَا إذَا أَخَذَ شَيْئًا عَلَى سَوْمِ الْبَيْعِ وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: إنْ هَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْك يَضْمَنُ كَذَا هَذَا فِي الْغَصْبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
لَوْ بَاعَهُ وَسَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ يَثْبُتُ الْمِلْكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ.
وَلَوْ قَالَ: بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ لَا يَمْلِكُ الْمَبِيعَ، وَإِنْ قَبَضَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ فَإِذَا سَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ كَانَ عِوَضُهُ قِيمَتَهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ: بِعْته بِالْقِيمَةِ، وَكَذَا جَمِيعُ الْبِيَاعَاتِ الْفَاسِدَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْمُقْتَضِي مَعَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ، مِنْ الْخُلَاصَةِ.
الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ، وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِيهِ يَكُونُ أَمَانَةً عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَبَقِيَ الْقَبْضُ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يَكُونُ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَدْنَى حَالًا مِنْ الْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ قَبْلَ الْأَوَّلِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالثَّانِي قَوْلُهُمَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَفِيهَا أَيْضًا، وَإِنْ مَاتَتْ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ قُلْتُ فَمَا قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى رِوَايَةِ عَدَمِ الضَّمَانِ فِيهِمَا عَنْهُ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فَلَا يَسْتَقِيمُ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَفِي الصُّغْرَى ذَكَرَ الطَّوَاوِيسِيُّ فِي بُيُوعِهِ إذَا اشْتَرَى بِالْمَيْتَةِ، أَوْ الدَّمِ وَقَبَضَ رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا وَابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا، وَفِي قَاضِي خَانْ الْمُشْتَرِي بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ لَا يَمْلِكُ، وَإِنْ قَبَضَ فَإِنْ هَلَكَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فِي رِوَايَةٍ لَا يَضْمَنُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى. قُلْت: وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ لَوْ كَانَ غَيْرَ مَالٍ وَهُوَ مَا لَا يَجْرِي فِيهِ التَّنَافُسُ وَالِابْتِذَالُ كَالتُّرَابِ وَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ حَتْفَ أَنْفِهَا أَوْ الْحُرُّ، أَوْ غَيْرَ مُتَقَوِّمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute