للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْإِقَالَةِ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَقَطَعَ يَدَهُ فَأَخَذَ أَرْشَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ لِلْبَالِغِ مِنْ أَرْشِ الْيَدِ إذَا عَلِمَ وَقْتَ الْإِقَالَةِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَهُ وَأَخَذَ أَرْشَهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَخْذِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ التَّرْكِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: الْأَشْجَارُ لَا تُسَلَّمُ لِلْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَقْتَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ أَصْلًا لَا قَصْدًا وَلَا ضِمْنًا.

رَجُلٌ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ آخَرَ وَبَنَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي فِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فَإِنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى بَائِعِهِ إلَّا بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ الْجَارِيَةُ مِنْ الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَإِنَّ الثَّانِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَلَا يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَبَاعَهُ مِنْ آخَرَ فَتَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَالْإِصْبَعِ الزَّائِدَةِ وَقَدْ تَعَيَّبَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ بِعَيْبٍ حَادِثٍ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالنُّقْصَانِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَا إذَا مَاتَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَرَجَعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا اشْتَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَنَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِالنُّقْصَانِ عَلَى بَائِعِهِ فَتُقَوَّمُ الدَّارُ مَبْنِيَّةً وَغَيْرَ مَبْنِيَّةٍ فَيَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ، وَكَذَا الْأَرْضُ إذَا غَرَسَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَقَلَعَ الْمُشْتَرِي الشَّجَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالنُّقْصَانِ.

رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا شَجَرًا فَنَبَتَ الشَّجَرُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي اقْلَعْ الشَّجَرَ فَإِنْ كَانَ قَلْعُهُ يَضُرُّ بِالْأَرْضِ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت تَدْفَعُ إلَيْهِ قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيَكُونُ الشَّجَرُ لَك، وَإِنْ شِئْت فَخَلِّهِ حَتَّى يُقْلِعَ الشَّجَرَ وَيَضْمَنَ لَك نُقْصَانَ أَرْضِك فَإِنْ أَمَرَهُ بِالْقَلْعِ وَقَلَعَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَفِرَ بِالْبَائِعِ بَعْدَ الْقَلْعِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا بِمَا ضَمِنَ مِنْ نُقْصَانِ الْأَرْضِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْمُسْتَحِقُّ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشَّجَرِ مَقْلُوعًا وَيُمْسِكَ الشَّجَرَ وَأَعْطَاهُ الْقِيمَةَ ثُمَّ ظَفِرَ الْمُشْتَرِي بِالْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ وَلَا يَكُونُ لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُشْتَرِي بِنُقْصَانِ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اخْتَارَ دَفْعَ قِيمَةِ الشَّجَرِ صَارَ كَأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هُوَ الَّذِي غَرَسَ الشَّجَرَ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ الْحَسَنُ لِلْقَاضِي أَنْ يَبْعَثَ أَمِينًا يُقَوِّمُ النَّابِتَ فِي الْأَرْضِ، ثُمَّ يَقُولُ الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي: اقْلَعْ الشَّجَرَ وَاحْفَظْهُ حَتَّى إذَا ظَفِرْت بِالْبَائِعِ فَسَلِّمْهُ إلَيْهِ وَتَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ نَابِتًا، وَإِنْ لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ حَتَّى أَثْمَرَ الشَّجَرُ وَبَلَغَ الثَّمَرُ حَتَّى جَاءَ مُسْتَحِقٌّ وَاسْتَحَقَّ الْأَرْضَ وَطَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِقَلْعِ الشَّجَرِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْأَرْضِ حَاضِرًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ نَابِتًا فِي الْأَرْضِ وَيُسَلِّمَ الشَّجَرَ قَائِمًا إلَى الْبَائِعِ وَيُجْبِرَ الْبَائِعَ عَلَى قَلْعِ الشَّجَرِ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ غَائِبًا قَلَعَهُ الْمُشْتَرِي وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشَّجَرِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي زَرَعَ فِي الْأَرْضِ حِنْطَةً، أَوْ شَيْئًا مِنْ أَصْنَافِ الرَّيَاحِينِ وَالْحُبُوبِ وَالْبُقُولِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ

<<  <   >  >>