الْكَفِيلِ يَرْجِعُ عَلَى الْأَصِيلِ، وَلَوْ مَاتَ هَذَا الْكَفِيلُ فَقَالَ الطَّالِبُ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً وَكَذَّبَهُ الْمَطْلُوبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الطَّالِبِ وَعَلَى الْمَطْلُوبِ الْبَيِّنَةُ، مِنْ الْوَجِيزِ
أَحَالَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ مَنٍّ مِنْ الْحِنْطَةِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَا لِلْمُحْتَالِ عَلَى الْمُحِيلِ فَقَبِلَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، مِنْ الْقُنْيَةِ.
وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ فِي الدَّيْنِ لَا فِي الْعَيْنِ وَتَصِحُّ بِدَرَاهِمِ الْوَدِيعَةِ فَلَوْ أَوْدَعَ رَجُلًا أَلْفًا وَأَحَالَ بِهَا عَلَيْهِ فَهَلَكَتْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَرِئَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُودَعُ لِلْحَوَالَةِ لِتَقَيُّدِهَا بِهَا فَإِنَّهُ مَا الْتَزَمَ الْأَدَاءَ إلَّا مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِالْمَغْصُوبِ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ إلَى خَلْفٍ كَلَا فَوَاتَ، وَقَدْ تَكُونُ الْحَوَالَةُ مُقَيَّدَةً بِالدَّيْنِ أَيْضًا، مِنْ الْهِدَايَةِ، وَتَصِحُّ بِالْمَغْصُوبَةِ وَلَا يَبْرَأُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْغَاصِبُ عَنْ الْحَوَالَةِ بِهَلَاكِهَا؛ لِأَنَّ مِثْلَهَا يَخْلُفُهَا ذَكَرَهُ فِي الْإِيضَاحِ ثُمَّ قَالَ وَإِنَّمَا قُلْنَا مِثْلَهَا دُونَ قِيمَتِهَا؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ انْتَهَى
وَفِي الْوَجِيزِ الْحَوَالَةُ نَوْعَانِ مُطْلَقَةٌ وَمُقَيَّدَةٌ فَالْمُطْلَقَةُ أَنْ يُحِيلَ صَاحِبُ الدَّيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِأَلْفٍ وَلِلْمُحِيلِ عَلَيْهِ أَلْفٌ، وَلَمْ يُضِفْ الْحَوَالَةَ إلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَدَاءُ أَلْفِ الْمُحْتَالِ وَلِلْمُحِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِأَدَاءِ أَلْفٍ إلَيْهِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ وَأَحَالَ غَرِيمَهُ عَلَيْهِ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِأَلْفِ الْوَدِيعَةِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْوَدِيعَةَ مِنْهُ، وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ فَبِأَنْ أَحَالَ بِالْمَالِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِمَّا عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْمُحِيلِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالْأَدَاءِ إلَيْهِ انْتَهَى فَلَوْ بَاعَ شَيْئًا وَأَحَالَ غَرِيمًا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي حَوَالَةً مُقَيَّدَةً بِالثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقَضَاءٍ، أَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ، أَوْ رَدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ أَوْ الشَّرْطِ، أَوْ تَفَاسَخَا الْعَقْدَ لَا تَبْطُلُ الْحَوَالَةُ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ كَمَا فِي الصُّغْرَى وَالْحَقَائِقِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الثَّمَنِ وَدِيعَةٌ أَوْ غَصْبٌ فَأَحَالَ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ غَرِيمَهُ عَلَى الْمُودَعِ وَالْغَاصِبِ حَوَالَةً مُقَيَّدَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْوَدِيعَةُ وَالْغَصْبُ بَطَلَتْ الْحَوَالَةُ.
وَإِذَا أَحَالَ الطَّالِبُ عَلَى رَجُلٍ بِجَمِيعِ حَقِّهِ وَقَبِلَ مِنْهُ ثُمَّ أَحَالَهُ أَيْضًا بِجَمِيعِ حَقِّهِ عَلَى الْآخَرِ وَقَبِلَ مِنْهُ صَارَ الثَّانِي نَاقِضًا لِلْأَوَّلِ، مِنْ الصُّغْرَى.
وَلَوْ أَحَالَ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُحِيلِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ فَأَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الْمَالَ رَجَعَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا ضَمِنَ لَا بِمَا أَدَّى هَذِهِ فِي الْكَفَالَةِ، مِنْ الْهِدَايَةِ حَتَّى لَوْ أَدَّى عُرُوضَا أَوْ دَرَاهِمَ عَنْ الدَّنَانِيرِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالدَّيْنِ كَالْكَفِيلِ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْمُحِيلِ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ الْمُحْتَالُ الدَّيْنَ لِلْمُحْتَالِ عَلَيْهِ، أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، أَوْ وَرِثَهُ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مِنْ الْمُحْتَالِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُحِيلِ بِالدَّيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْوَجِيزِ
وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُحِيلُ وَالْمُحْتَالُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْمُحِيلُ أَحَلْت بِدَيْنٍ كَانَ عَلَيْك وَأَنْكَرَ الْمُحْتَالُ عَلَيْك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحْتَالِ عَلَيْهِ وَالْحَوَالَةُ لَا تَكُونُ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِدُونِهِ وَإِذَا طَالَبَ الْمُحِيلُ الْمُحْتَالَ بِمَا أَحَالَهُ بِهِ وَقَالَ إنَّمَا أَحَلْتُك بِقَبْضِهِ لِي وَقَالَ الْمُحْتَالُ بَلْ أَحَلْتنِي بِدَيْنٍ كَانَ لِي عَلَيْك فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ؛ لِأَنَّ الْمُحْتَالَ يَدَّعِي عَلَيْهِ الدَّيْنَ وَهُوَ يُنْكِرُ وَلَفْظُ الْحَوَالَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْوَكَالَةِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، مِنْ الْهِدَايَةِ
الْحَوَالَةُ إذَا كَانَتْ فَاسِدَةً وَقَدْ أَدَّى الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ لِلْمُحْتَالِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُحِيلِ وَعَلَى هَذَا الْأَجْرُ إذَا بَاعَ الْمُسْتَأْجِرُ وَأَحَالَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَدْ أَدَّى الثَّمَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute