اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ
أَرْضٌ بَيْنَهُمَا زَرَعَ أَحَدُهُمَا كُلَّهَا تُقَسَّمُ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا فَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِهِ أُقِرَّ وَمَا وَقَعَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ أُمِرَ بِقَلْعِهِ وَضَمِنَ نُقْصَانَ الْأَرْضِ هَذَا إذَا لَمْ يُدْرِكْ الزَّرْعُ أَمَّا لَوْ أَدْرَكَ، أَوْ قَرُبَ يَغْرَمُ الزَّارِعُ لِشَرِيكِهِ نُقْصَانَ نِصْفِ الْأَرْضِ لَوْ انْتَقَصَتْ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ.
وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ غَابَ أَحَدُهُمَا فَلِشَرِيكِهِ أَنْ يَزْرَعَ نِصْفَ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَرَادَ الزِّرَاعَةَ فِي الْعَامِ الثَّانِي زَرَعَ النِّصْفَ الَّذِي كَانَ زَرَعَهُ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَلِلْحَيِّ أَنْ يَزْرَعَ كَمَا مَرَّ وَيُفْتَى بِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يَنْفَعُ الْأَرْضَ وَلَا يُنْقِصُهَا فَلَهُ أَنْ يَزْرَعَ كُلَّهَا، وَلَوْ حَضَرَ الْغَائِبُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِكُلِّ الْأَرْضِ مِثْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِرِضَا الْغَائِبِ فِي مِثْلِهِ دَلَالَةً، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الزَّرْعَ يُنْقِصُهَا، أَوْ التَّرْكَ يَنْفَعُهَا وَيَزِيدُهَا قُوَّةً فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَزْرَعَ فِيهَا شَيْئًا أَصْلًا إذْ الرِّضَا لَمْ يَثْبُتْ هُنَا كَذَا أَرْضٌ بَيْنَ وَرَثَةٍ زَرَعَهَا بَعْضُهُمْ بِبَذْرٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَوْ كِبَارًا، أَوْ بِإِذْنِ الْوَصِيِّ لَوْ صِغَارًا فَالْغَلَّةُ عَلَى الشَّرِكَةِ، وَلَوْ زَرَعَ مِنْ بَذْرِ نَفْسِهِ فَالْغَلَّةُ لِلزَّارِعِ وَالزَّرْعُ الْمُشْتَرَكُ لَوْ أَدْرَكَ فَحَصَدَهُ أَحَدُهُمَا بِلَا إذْنِ شَرِيكِهِ فَهَلَكَ يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَاقِعَةُ الْفَتْوَى، زَرَعَ أَرْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ هَلْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِرُبْعٍ، أَوْ ثُلُثٍ بِحِصَّةِ نَفْسِهِ كَمَا هُوَ عُرْفُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ؟ أُجِيبُ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ لَكِنْ يُغَرِّمُهُ نُقْصَانَ نَصِيبِهِ مِنْ الْأَرْضِ لَوْ انْتَقَصَتْ
سَكَنَ دَارًا مُشْتَرَكَهُ بِغَيْبَةِ شَرِيكِهِ لَا يَلْزَمُهُ أَجْرُ حِصَّتِهِ وَلَوْ مُعَدَّةً لِلِاسْتِغْلَالِ إذْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ فِي حَقِّ السُّكْنَى، وَفِيمَا هُوَ مِنْ تَوَابِعِ السُّكْنَى تُجْعَلُ مَمْلُوكَةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ إذْ لَوْ لَمْ تُجْعَلْ كَذَلِكَ يُمْنَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دُخُولٍ وَقُعُودٍ وَوَضْعِ أَمْتِعَةٍ فَيَبْطُلُ مَنَافِعُ مِلْكِهِمَا وَهُوَ لَمْ يَجُزْ، وَلَمَّا كَانَ كَذَا صَارَ الْحَاضِرُ سَاكِنًا فِي مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ وَعُلِّلَتْ فِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ سَكَنَ بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ فَلَا أَجْرَ، مِنْ الْفُصُولَيْنِ
وَالْوَقْفُ الْمُشْتَرَكُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى، أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ وَقَدْ مَرَّتْ فِي الْغَصْبِ.
عَبْدٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ اسْتَخْدَمَهُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَمَاتَ فِي خِدْمَتِهِ يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْهُ، وَفِي الدَّابَّةِ الْمُشْتَرَكَةِ يَصِيرُ غَاصِبًا عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ انْتَهَى.
دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ قَوْمٍ فَلِبَعْضِهِمْ التَّوَضُّؤُ وَرَبْطُ الدَّابَّةِ وَوَضْعُ الْخَشَبَةِ فِيهَا وَمَنْ عَطِبَ بِذَلِكَ لَا يُضْمَنُ، وَلَيْسَ لَهُمْ حَفْرُ بِئْرٍ فَلَوْ حَفَرَ أَحَدُهُمَا بِئْرًا يُؤْخَذُ بِأَنْ يُسَوِّيَهَا فَإِنْ نَقَصَ الْحَفْرُ الْأَرْضَ يُؤْخَذُ بِنُقْصَانِ الْحَفْرِ وَإِذَا حَفَرَ أَحَدُ أَصْحَابِ طَرِيقٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهِ بِئْرًا يُؤْخَذُ بِأَنْ يَطِمَّ الْبِئْرُ وَلَا يُؤْخَذُ بِمَا نَقَصَتْ الْبِئْرُ وَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهَا، وَكَذَا لَوْ بَنَى فِيهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ ضَمِنَ كَمَا فِي قِسْمَةِ الصُّغْرَى وَقَدْ مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ
وَفِي الْخُلَاصَةِ مِنْ كِتَابِ الْحِيطَانِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الطَّرِيقُ بَيْنَ قَوْمٍ وَهُوَ غَيْرُ نَافِذٍ فَإِنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ غَيْرَ أَنَّ فِي الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنُ نُقْصَانَ الْحَفْرِ انْتَهَى.
دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَآجَرَهَا الْآخَرُ وَأَخَذَ الْأُجْرَةَ فَلِلْغَائِبِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِي الْأُجْرَةِ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعَاقِدَ لَمْ يَمْلِكْ الْأُجْرَةَ.
وَفِي الْأَصْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهَا وَيَتَصَدَّقُ بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ لِلْخُبْثِ كَالْغَاصِبِ، مِنْ الْقُنْيَةِ، وَفِيهَا قَبَضَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ السَّلَمِ أَوْ الدَّيْنِ