لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ مُسَمَّاةً فَإِنْ شَرَطَ زِيَادَةَ عَشَرَةٍ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لِفَسَادِهِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَهَذَا هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَمْ تَصِحَّ الْمُضَارَبَةُ، وَلَا يُجَاوِزُ بِالْأَجْرِ الْمُقَدَّرَ الْمَشْرُوطَ، وَيَجِبُ الْأَجْرُ، وَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ اعْتِبَارًا بِالْمُضَارَبَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمَالُ فِي الْمُضَارَبَةِ الْفَاسِدَةِ غَيْرُ مَضْمُونٍ بِالْهَلَاكِ اعْتِبَارًا بِالصَّحِيحَةِ، وَكُلُّ شَرْطٍ يُوجِبُ جَهَالَةً فِي الرِّبْحِ يُفْسِدُهَا، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ لَا يُفْسِدُهَا، وَيُبْطِلُ الشَّرْطَ كَاشْتِرَاطِ الْوَضِيعَةِ عَلَى الْمُضَارِبِ، وَإِذَا صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ جَازَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَبِيعَ وَيَشْتَرِيَ، وَيُوَكِّلَ، وَيُسَافِرَ، وَيُودِعَ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي بَلَدِهِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ، وَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ إلَى بَلَدِهِ، وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَارِبَ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ بِقَوْلِهِ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك. وَإِذَا دَفَعَ الْمُضَارِبُ الْمَالَ إلَى غَيْرِهِ مُضَارَبَةً، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ بِالدَّفْعِ، وَلَا بِتَصَرُّفِ الْمُضَارِبِ الثَّانِي حَتَّى يَرْبَحَ فَإِذَا رَبِحَ ضَمِنَ الْأَوَّلُ لِرَبِّ الْمَالِ كَمَا لَوْ خُلِطَ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا عَمَل بِهِ ضَمِنَ رَبِحَ أَوْ لَمْ يَرْبَحْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.
وَقَالَ زُفَرُ يَضْمَنُ بِالدَّفْعِ عَمِلَ أَوْ لَمْ يَعْمَلْ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِي، وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَضْمَنَ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي مُودَعِ الْمُودِعِ، وَقِيلَ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الثَّانِيَ بِالْإِجْمَاعِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ثُمَّ إنْ ضَمِنَ الْأَوَّلُ صَحَّتْ الْمُضَارَبَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، وَإِنْ ضَمِنَ الثَّانِي رَجَعَ عَلَى الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ، وَتَصِحُّ الْمُضَارَبَةُ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا، وَيَطِيبُ الرِّبْحُ لِلثَّانِي، وَلَا يَطِيبُ لِلْأَعْلَى، وَلَا يَمْلِكُ الْمُضَارِبُ الْإِقْرَاضَ، وَالْهِبَةَ، وَالتَّصَدُّقَ، وَإِنْ قِيلَ لَهُ اعْمَلْ بِرَأْيِك بِلَا تَنْصِيصٍ وَإِنْ خَصَّ لَهُ رَبُّ الْمَالِ التَّصَرُّفَ فِي بَلَدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ فِي سِلْعَةٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَهَا، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِضَاعَةً إلَى مَنْ يُخْرِجُهُ مِنْ تِلْكَ الْبَلْدَةِ فَإِنْ خَرَجَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ فَاشْتَرَى ضَمِنَ، وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ، وَلَهُ رِبْحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِ حَتَّى رَدَّهُ إلَى الْكُوفَةِ، وَهِيَ الَّتِي عَيَّنَهَا بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ، وَرَجَعَ الْمَالُ مُضَارَبَةً عَلَى حَالِهِ، وَكَذَا إذَا رَدَّ بَعْضَهُ أَوْ اشْتَرَى بِبَعْضِهِ فِي الْمِصْرِ كَانَ الْمَرْدُودُ وَالْمُشْتَرِي فِي الْمِصْرِ عَلَى الْمُضَارَبَةِ قَالَ ثُمَّ شَرَطَ الشِّرَاءَ هَاهُنَا، وَهِيَ رِوَايَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَفِي كِتَابِ الْمُضَارَبَةِ ضَمِنَهُ بِنَفْسِ الْإِخْرَاجِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ بِالشِّرَاءِ يَتَقَرَّرُ الضَّمَانُ لِزَوَالِ احْتِمَالِ الرَّدِّ إلَى الْمِصْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ أَمَّا الضَّمَانُ فَوُجُوبُهُ بِنَفْسِ الْإِخْرَاجِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ الشِّرَاءَ لِلتَّقَرُّرِ لَا لِأَصْلِ الْوُجُوبِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَلَى أَنْ تَشْتَرِيَ فِي سُوقِ الْكُوفَةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ التَّقْيِيدُ لِأَنَّ الْمِصْرَ مَعَ تَبَايُنِ أَطْرَافِهِ كَبُقْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يُفِيدُ التَّقْيِيدُ إلَّا إذَا صَرَّحَ بِالنَّهْيِ بِأَنْ قَالَ اعْمَلْ بِالسُّوقِ، وَلَا تَعْمَلْ فِي غَيْرِ السُّوقِ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِالْحَجْرِ، وَالْوِلَايَةِ إلَيْهِ، وَمَعْنَى التَّخْصِيصِ أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنْ تَعْمَلَ كَذَا أَوْ فِي مَكَانِ كَذَا وَكَذَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ تَعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لَهُ أَوْ قَالَ فَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ لِأَنَّ الْفَاءَ لِلْوَصْلِ أَوْ قَالَ خُذْهُ بِالنِّصْفِ بِالْكُوفَةِ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْإِلْصَاقِ أَمَّا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَاعْمَلْ بِهِ فِي الْكُوفَةِ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا، وَفِي غَيْرِهَا لِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute